نشرحه بإذن الله عند تفسير سورة الرعد.
ثمّ يبيّن القرآن الكريم أن حفظ الأعمال يستمر حتى نهاية الأعمار وحلول الموت : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا).
وتبيّن الآية في النهاية أنّ هؤلاء الملائكة لا يقصرون ولا يفرطون في مهمتهم ، فلا يتقدمون لحظة ولا يتأخرون في موعد قبض الروح.
ويحتمل أيضا أنّ هذه الصفة ترتبط بالملائكة الذين يحفظون حساب أعمال البشر ، فهم في حفظهم للحساب لا يصدر منهم أدنى تقصير أو قصور ، والآية تركز على هذا القسم بالذات.
في الآية الاخيرة يشير القرآن الكريم إلى آخر مراحل عمل الإنسان ، فيقول : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) أي عادوا إلى الله بعد أنّ طووا مرحلة حياتهم ، واختتم ملفهم الحاوي على كل شيء.
وفي تلك المحكمة يكون النظر في القضايا وإصدار الأحكام بيد الله : (أَلا لَهُ الْحُكْمُ).
وعلى الرغم من كل تلك الأعمال والملفّات المتراكمة عن أفراد البشر طوال تاريخهم الصاحب فانّ الله سريع في النظر فيها : (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ).
لقد جاء في بعض الرّوايات : «إنّه سبحانه يحاسب جميع عباده في مقدار حلب شاة» أي أنّ ذلك لا يتجاوز فترة حلب شاة (١).
وكما قلنا في تفسير الآية (٢٠٢) من سورة البقرة ، إنّ إجراء الحساب من السرعة بحيث إنّه يمكن أن يتمّ في لحظة واحدة بالنسبة للجميع ، بل إن ذكر فترة حلب شاة في الرواية المذكورة يقصد منه بيان قصر الزمن اللازم لذلك ، وعلى هذا نقرأ في رواية أخرى : «إن الله تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٣١٣.