الحساب ، هاتان اللفظتان : «الخلق والخرق» قد تستعملان في حالات الكذب والاختلاق ، مع اختلاف بينهما هو أن (الخلق والاختلاق) تستعمل في الأكاذيب المدروسة و (الخرق والاختراق) فيما لا حساب فيه من الكذب.
أي أنّهم اختلقوا تلك الأكاذيب دون أن يدرسوا جوانب الموضوع وبدون أن يعدوا له ما يلزم من الأمور.
أمّا الطوائف التي كانت تنسب لله البنين ، فإنّ القرآن يذكر في آيات أخرى اسم طائفتين من هؤلاء :
الأولى : هم المسيحيون الذين قالوا : إنّ عيسى ابن الله.
والأخرى : هم اليهود الذين قالوا : عزير ابن الله.
يستفاد من الآية (٣٠) من سورة التوبة ، وممّا توصل إليه المحققون عن دراسة الجذور المشتركة بين المسيحية والبوذية ، وعلى الأخص في موضوع التثليت ، أنّ المسيحيين واليهود ليسوا وحدهم الذين نسبوا ابنا لله ، بل كان هذا موجودا في المعتقدات الخرافية القديمة.
أمّا بشأن نسبة بنات لله ، فالقرآن نفسه يوضح ذلك في آيات أخرى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (١).
وكما سبقت الإشارة إليه ، جاء في التفاسير والتواريخ إنّ قريشا كانت ترى الملائكة بنات الله من زواجه بالجن.
والقرآن يرفض تماما في نهاية الآية كل هذه الخرافات التي لا أساس لها ، وبعبارة حاسمة قاطعة : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ).
والآية التّالية ترد على تلك العقائد الخرافية فتؤكّد أنّ الله هو ذلك الذي أبدع خلق السموات والأرض : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
هل هناك غير الله من فعل ذلك أو يستطيع فعله كيما يكون شريكا له في
__________________
(١) الزخرف ، ١٩.