لعل من المفيد أن نشير إلى أنّ نفي هاتين الصفتين «الحفاظ والوكالة» عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعني نفي الإجبار على دفع ضرر أو اجتلاب نفع ، وإلّا فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يدعوهم ـ ضمن تبليغه الرسالة ـ إلى عمل الخير وترك الشر بصورة طوعية واختيارية.
إنّ الفكرة التي تسود هذه الآيات تستلفت النظر ، فهي تقول : إنّ الإيمان بالله وبتعاليم الإسلام لا يكون عن طريق الإكراه والإجبار ، بل يكون عن طريق المنطق والاستدلال والنفوذ إلى أفكار الناس وأرواحهم ، فالإيمان بالإكرام لا قيمة له ، لأنّ المهم هو أن يدرك الناس الحقيقة فيتقبلوها بإرادتهم واختيارهم.
كثيرا ما يؤكّد القرآن حقيقة كون الإسلام بعيدا عن كل عنف وخشونة ، كتلك الأعمال التي كانت ترتكبها الكنيسة في القرون الوسطى (١) ، ومحاكم تفتيش العقائد.
أمّا صلابة الإسلام في مواجهة المشركين فسوف نبحثها ـ إن شاء الله في بداية تفسير سورة البراءة.
* * *
__________________
(١) «القرون الوسطى» هي فترة الألف سنة التي امتدت بين القرن السادس الميلادي حتى نهاية القرن الخامس عشر ، كما يطلق عليها اسم «الفترة المظلمة» التي مرت على أوروبا والمسيحية ، والجدير بالذكر أنّ «العصر الذهبي الإسلامي» يقع في منتصف القرون الوسطى.