الخطأ ، بل إنّ التعصب الشديد والجهل المطبق الذي يركب هؤلاء يدفع بهم إلى التمادي في العناد واللجاجة وإلى التشبث أكثر بباطلهم ، ويستسهلون إطلاق ألسنتهم بسبّ مقام الرّبوبية جل وعلا ، لأنّ كل أمّة تتعصب عادة لعقائدها وأعمالها كما تقول العبارة التّالية من الآية : (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ).
وفي الختام تقول الآية : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
بحوث
هنا ينبغي الانتباه إلى ثلاث نقاط :
١ ـ هذه الآية نسبت إلى الله تزيين الأعمال الحسنة والسيئة لكل شخص ، وقد يثير هذا عجب بعضهم ، إذ كيف يمكن أن يزين الله أعمال المرء السيئة في نظره؟
سبق أن أجبنا مرات على مثل هذه الأسئلة فأمثال هذه التعبيرات تشير إلى صفة العمل وأثره ، أي أنّ الإنسان عند ما يقوم بعمل ما بصورة متكررة ، فإنّ قبح عمله يتلاشى في نظره شيئا فشيئا ، ويتخذ شكلا جذابا ، ولما كان علّة العلل وسبب الأسباب وخالق كل شيء هو الله ، وأنّ جميع التأثيرات ترجع إليه ، فإنّ هذه الآثار تنسب أحيانا في القرآن إلى الله (تأمل بدقّة).
وبعبارة أوضح ، إنّ عبارة (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) تفسر هكذا : لقد أقحمناهم في نتائج سوء أفعالهم إلى الحد الذي أصبح القبيح جميلا في نظرهم.
يتضح من هذا أنّ القرآن ينسب ـ أحيانا ـ تزيين الأعمال إلى الشيطان ، وهذا لا يتعارض مع ما قلناه ، لأنّ الشيطان يوسوس لهم لكي يرتكبوا الأعمال القبيحة ، وهم يستسلمون لوسوسة الشيطان ، فتكون النتيجة أنّهم يلاقون عاقبة أعمالهم السيئة ، وبالتعبير العلمي نقول : إنّ السببية من الله ، ولكنّ هؤلاء هم الذين يوجدون