السبب ، مدفوعين بوسوسة الشيطان (تأمل بدقّة) (١).
٢ ـ الأحاديث الإسلامية ـ أيضا ـ تواصل منطق القرآن في ترك سبّ الضالين والمنحرفين ، فقد أمر كبار قادة الإسلام بضرورة الاستناد إلى المنطق والاستدلال دائما ، وبلزوم تجنب شتم عقائد الآخرين ، وقد جاء في نهج البلاغة أنّ الإمام علي عليهالسلام خاطب فريقا من أصحابه الذين كانوا يسبون أتباع معاوية في حرب صفين ، فقال : «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر» (٢).
٣ ـ قد يعترض بعضهم قائلا : كيف يمكن لعبدة الأصنام أن يسبوا الله مع أنّهم في الغالب يؤمنون بالله ويعتبرون الأصنام مجرّد شفعاء إلى الله.
ولكنّنا إذا أمعنا النظر في حالة العامّة المعاندين المتعصبين أدركنا أنّ هذا ممكن ولا عجب فيه ، فإنّ أمثال هؤلاء إذا أثير غضبهم سعوا للانتقام والإثارة بأي ثمن كان ، حتى وإن كان ذلك بالإساءة إلى عقائد مشتركة يقول الآلوسي في «روح المعاني» إنّ بعض العوام من الجهلة عند ما سمع بعض الشيعة يسب الشّيخين أزعجه ذلك فراح يسب علياعليهالسلام ، وإذا سئل عمّا دعاه إلى سب الإمام علي عليهالسلام الذي يحترمه ، قال : كنت أريد أن أنتقم من ذلك الشيعي ، ولم أجد ما يغضبه ويثيره خيرا من هذا ، فحملوه على أن يتوب عما فعل (٣).
* * *
__________________
(١) في ثمانية مواضع من القرآن نسب تزيين الأعمال إلى الشيطان ، وفي عشرة مواضع جاء التعبير بصيغة ـ المبني للمجهول «زين» ، وفي موضعين إثنين نسب إلى الله ، وممّا سبق أن قلناه يتضح معنى هذه الحالات الثلاث.
(٢) نهج البلاغة ، الكلام ٢٠٦.
(٣) الآلوسي ، «تفسير روح المعاني» ، ج ٧ ، ص ٢١٨.