بذنوبها ، ولكن لا يجديها مثل هذا الاعتراف ، لأنّه نوع من الاعتراف «الجبري والاضطراري» الذي يضطرّ إليه حتى أشد الناس غرورا.
وبعبارة أخرى ، إنّ هذه اليقظة نوع من اليقظة الكاذبة والعابرة وغير المؤثرة التي لا تحمل أية علامة من علامات الانقلاب والتحوّل الروحي ، بهذا لا يكون لها أية نتيجة ... نعم ، إذا كانوا يظهرون هذه الحقيقة في حالة الإختيار والحرية كان ذلك دليلا على انقلابهم الروحي وسببا لنجاتهم.
٤ ـ من المباحث المطروحة عند المفسّرين في مجال الآية الحاضرة هو : لماذا قال القرآن أوّلا : (أَهْلَكْناها) ثمّ أعقب هذه الجملة بجملة أخرى مبدوءة بفاء التفريع التي هي عادة للترتيب الزماني فقال : (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) في حين أن مثل هذا العقاب (أي مجيّ البأس بياتا) كان قبل الهلاك لا بعد الهلاك.
ولكن يجب أن نعلم أنّ الجملة المبدوءة بالفاء قد تكون شرحا وتفصيلا للجملة السابقة لا لبيان حادثة أخرى ، وفي المقام أشار أوّلا إلى موضوع الإهلاك على نحو الإجمال ، ثمّ عمد إلى شرح هذا الموضوع المجمل بقوله : (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ). ولهذا في الأدب العربي نظائر كثيرة.
٥ ـ إنّ هذا النوع من الآيات يجب أن لا تعتبر شرحا لقصص الأمم الغابرة ، وبالتالي ممّا يرتبط بالزمن الغابر والأمم الماضية فقط.
إنّ هذه الآيات تحذيرات صاعقة لهذا العصر وما يليه من العصور ، لنا وللأمم والأقوام القادمة ، لأنّه لا معنى للتبعيض في السنة الإلهية.
والإنسان المسلح بالتكنولوجيا المتقدمة مع كلّ ما أوتي من قوّة هو الآخر عاجز أمام الزلازل والعواصف ، وأمام السيول والأمطار الغريزة ، تماما مثل عجز الأمم ما قبل التّأريخ وضعفها.
وعلى هذا فليست مثل تلك العواقب السيئة والأليمة التي أصابت ظلمة