اتّخاذ جبهة «قبال الأنبياء» ونوع من الانحرافات ونوع من العقاب ، وهذا التنوّع يلقي اشعة نيرة على ابعاد حياة الناس.
«تثبيت قلب النّبي» صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقوية ارادته ـ التي يشار إليها في هذه الآية ـ امر طبيعي ، لانّ معارضة الأعداء اللجوجين الشديدة والقاسية ـ رضينا ام أبينا ـ تؤثر على قلب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لانّه انسان وبشر ايضا. ولكن من اجل ان لا ينفذ اليأس الى قلب النّبي المطهّر وتضعف ارادته الفولاذية من هذه المعارضة والمخالفات والمثبطات ، فإنّ الله يقص عليه قصص الأنبياء وما واجهوه ، ومقاومتهم قبال أممهم المعاندين ، وانتصارهم الواحد تلو الآخر ليقوي قلب النّبي والمؤمنين الذي يلتّفون حوله يوما بعد يوم. (١).
ثمّ تشير الآية الى النتيجة الكبرى الثّانية فتقول الآيات : وجاءك في هذه الحق.
امّا ثالث الآثار ورابعها اللذان يستلفتان النظر هما (مَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ).
الطريف هنا انّ صاحب المنار يقول في تفسير الآية معقبا : انّ الإيجاز والاختصار في هذه الآية المعجزة في غاية ما يتصور ، حتى كأنّ جميع المعاجز السالفة قد جمعت في الآية نفسها وبيّنت فوائدها جميعا بعدّة جمل قصيرة.
وعلى اية حال ، فإنّ هذه الآية تؤكّد مرّة اخرى انّه لا ينبغي ان نعدّ قصص القرآن ملهاة او يستفاد منها لاشغال السامعين ، بل هي مجموعة من احسن الدروس الحياتية في جميع المجالات ، وطريق رحب لجميع الناس في الحاضر والمستقبل.
__________________
(١) ممّا ذكر في المتن يتّضح انّ مرجع الضمير في «هذه» يعود على «أَنْباءِ الرُّسُلِ» وعودة الضمير على هذه الكلمة لقربها وتناسبها مع البحوث الواردة في هذه الآية واضح جدّا ، لكنّ الاحتمالات الاخرى بأنّ المشار اليه هو «الدنيا» او «خصوص الآيات السابقة» فبعيد ، كما يبدو ، وما قاله كثير من المفسّرين من انّ المشار اليه هو «السورة» فقابل للمطابقة مع ما ذكرنا ، لانّ القسم الاهمّ من السورة يتناول قصص الأنبياء السابقين.