ثمّ تخاطب الآيات النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يواجه أعداءه الذين يؤذونه ويظهرون اللجاجة والعناد ان واصل الطريق (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).
فستعلمون من الذي سينتصر ، انتظروا هزيمتنا كما تزعمون انتظارا غير مجد ، ونحن ننتظر العذاب من الله عليكم ، وهو ما ستذوقونه من قبلنا او من قبل الله مباشرة.
وهذه التهديدات التي تذكر بصيغة الأمر تلاحظ في أماكن اخرى من القرآن كقوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١).
ونقرا في شأن الشيطان ايضا (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) (٢).
وبديهي انّه لا يراد بأيّة صيغة من صيغ الأمر هنا طلب الفعل ، بل جميعها جاءت للتهديد والتنديد.
وآخر الآيات من هذه السورة تتحدث عن التوحيد «التوحيد المعرفي والتوحيد الافعالي ، وتوحيد العبادة» كما تحدثت الآيات الاولى من هذه السورة عن التوحيد ايضا.
هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تشير الى ثلاث شعب من التوحيد ، توحيد علم الله اوّلا ، فغيب السّماوات والأرض خاص بالله وهو المطّلع عليها جميعا (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
امّا سواه فعلمه محدود ، وفي الوقت ذاته فإنّ هذا العلم ناشئ من التعليم الإلهي ، فعلى هذا فإنّ العلم غير المحدود ، والعلم الذاتي بالنسبة ما في السموات والأرض مخصوص بذات الله المقدسة.
__________________
(١) فصّلت ، ٤٠.
(٢) الاسراء ، ٦٤.