من القرآن ـ جواب لأولئك الذين يتهمون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه تعلم القرآن من اعجمي ، وانّ محتوى القرآن مستورد وليس وحيا الهيا.
وهذه التعبيرات المتتابعة تحتم ضمنا وظيفة مفروضة على جميع المسلمين ، وهي ان يسعوا جميعا الى معرفة اللغة العربية وان تكون اللغة الثانية الى جانب لغتهم ، لانّها لغة الوحي ومفتاح فهم حقائق الإسلام.
ثمّ يقول سبحانه : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ).
يعتقد بعض المفسّرين انّ (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) اشارة الى مجموع القرآن ، وانّ جملة (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) قرينة على ذلك. والقصّة هنا ليست بمعنى سرد الحكاية ، بل المراد معناها «الجذري» في اللغة وهو البحث عن آثار الشيء. وبما انّ اي موضوع ـ حين يشرح ويفصّل ـ يبيّن بكلمات متتابعة ، فلذلك يطلق عليه قصّة ايضا.
وعلى كل حال فإنّ الله سبحانه عبّر ب (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) عن مجموع هذا القرآن الذي جاء في أجمل البيان والشرح ، وافصح الألفاظ وأبلغها ، مقرونة بأسمى المعاني وادقّها ، بحيث يبدو ظاهره عذبا جميلا ، ومن حيث الباطن فمحتواها عظيم.
ونشاهد في روايات متعددة انّ هذا التعبير استعمل في مجموع القرآن ، رغم انّ هذه الرّوايات لم ترد في تفسير هذه الآية ـ محل بحثنا ـ.
فمثلا نقرا حديثا نقله علي بن ابراهيم عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «انّ احسن القصص هذا القرآن» (١).
كما نقل في روضة الكافي عن خطبة لأمير المؤمنين قوله : ان احسن
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٩.