القصص وابلغ الموعظة وانفع الذكر كتاب الله» (١).
ولكنّ ارتباط الآيات المقبلة التي تبيّن قصّة يوسف عليهالسلام مع هذه الآية ـ محل البحث ـ بشكل يشدّ ذهن الإنسان الى هذا المعنى ، وهو انّ الله عبر عن قصّة يوسف بأحسن القصص وربّما لا ينقدح في أذهان الكثيرين ممن يطالعون بداية آيات هذه السورة غير هذا المعنى.
وقلنا مرارا انّه لا مانع من ان تكون مثل هذه الآيات للمعنيين جميعا ... فالقرآن هو احسن القصص بصورة عامّة ، وقصّة يوسف هي احسن القصص بصورة خاصّة.
ولم لا تكون هذه القصّة احسن القصص ، مع انّها ترسم في فصولها المثيرة اسمى دروس الحياة؟!
فنحن نشاهد حاكمية ارادة الله على كل شيء هذه القصّة ، وننظر بأعيننا المصير الأسود الذي انتهى اليه الحسّاد وما رقموه على الماء من خطط.
كما تتجسم من خلال سطورها الذلة في الابتذال وعدم العفة ، والعظمة في التقوى ومنظر الصبيّ وهو وحيد في قعر الجبّ ، وفي مشهد آخر نراه يقضي الليالي والايّام دون ذنب في حفرة السجن المظلم ، ثمّ انبثاق نور الأمل من خلف حجب اليأس والظّلمات ، ثمّ نشاهد بعد ذلك حكومته العظيمة الواسعة نتيجة دراسته وأمانته. كل هذه المشاهد تتجلّى للقارىء لهذه القصّة بشكل رتيب.
لحظات وبسبب رؤيا يتحول مصير امّة ... انقاذ امّة ومجتمع بشري من الهلكة على يد قائد الهي متيقظ ... وعشرات الدروس الاخرى ـ الكبيرة ـ التي تلوح في هذه القصّة ، فلم لا تكون هذه القصّة احسن القصص؟!
غاية ما في الأمر أنّه لا تكفي أن تكون قصّة يوسف وحدها هي احسن القصص ، بل المهم ان تكون فينا الجدارة لانّ نفهم هذا الدرس العظيم وان نعرف
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤٩.