رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ).
يقول ابن عباس : (انّ يوسف راى رؤياه ليلة الجمعة التي صادفت ليلة القدر) (ليلة تعيين الأقدار والآجال).
ولكن كم كان ليوسف من العمر حين راى رؤياه؟!
هناك من يقول : كان ابن تسع سنوات ، ومن يقول : ابن سبع ، ومنهم من يقول : ابن اثنتي عشرة سنة ، والقدر المسلم به انّه كان صبيّا.
وممّا يستلفت الانتباه الى جملة «رأيت» جاءت مكررة في الآية للتأكيد والقاطعية ، وهي اشارة الى ان يوسف عليهالسلام يريد ان يقول : إذا كان كثير من الناس ينسون رؤياهم ويتحدثون عنها بالشك والتردّد ، فلست كذلك. بل اقطع بأنّي رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين لي دون شك.
واللطيفة الاخرى هي انّ ضمير «هم» الذي يأتي لجمع المذكر السالم العاقل ، قد استعمل للكواكب والشّمس والقمر ، ومثل هذا الاستعمال «ساجدين» ايضا اشارة الى انّ سجود الكواكب لم يكن من قبيل الصدفة بل كان امرا مدروسا ومحسوبا كما يسجد الرجال العقلاء!
وواضح ـ طبعا ـ انّ السجود المقصود منه هنا هو الخضوع والتواضع ، والّا فإنّ السجود المعروف عند الناس لا مفهوم له بالنسبة للكواكب والشمس والقمر.
ان هذه الرؤيا المثيرة ذات المغزى تركت يعقوب النّبي غارقا في التفكير ... فالقمر والشمس والكواكب ، واي الكواكب! انّها احد عشر يسجدون جميعا لولدي يوسف ، كم هي رؤيا ذات مغزى! لا شك انّ الشمس والقمر «انا وامه او خالته» والكواكب الأحد عشر اخوته ، هكذا يرتفع قدر ولدي حتى تسجد له الشمس والقمر وكواكب السّماء.
ان ولدي «يوسف» عزيز عند الله إذا راى هذه الرؤيا المثيرة! لذلك توجه الى يوسف بلهجة يشوبها الاضطراب والخوف المقرون