«بالفرحة» و (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) وانا اعرف (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وهو منتظر الفرصة ليوسوس لهم ويثير نار الفتنة والحسد وليجعل الاخوة يقتتلون فيما بينهم.
الطريف هنا انّ يعقوب لم يقل «أخاف من إخوتك ان يقصدوا إليك بسوء» بل اكّد ذلك على انّه امر قطعي ، وخصوصا بتكرار «الكيد» لانّه كان يعرف نوازع ابنائه وحساسيّاتهم بالنسبة لأخيهم يوسف ، وربّما كان اخوته يعرفون تأويل الرؤيا ، ثمّ انّ هذه الرؤيا لم تكن بشكل يعسر تعبيرها.
ومن جهة اخرى لا يتصور ان تكون هذه الرؤيا شبيهة برؤيا الأطفال ، إذ يمكن احتمال رؤية الأطفال للشمس والقمر والكواكب في منامهم ، ولكن ان تكون الشمس والقمر والكواكب موجودات عاقلة وتنحني بالسجود لهم ، فهذه ليست رؤيا أطفال ... ومن هذا المنطلق خشي يعقوب على ولده يوسف نائرة الحسد من اخوته عليه.
ولكن هذه الرؤيا لم تكن دليلا على عظمة يوسف في المستقبل من الوجهة الظاهرية والمادية فحسب ، بل تدل على مقام النبوّة التي سيصل إليها يوسف في المستقبل.
ولذلك فقد أضاف يعقوب ـ لولده يوسف ـ قائلا : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ) (١) (الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ).
اجل فإنّ الله على كل شيء قدير و (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
* * *
__________________
(١) «التأويل» في الأصل إرجاع الشيء ، وكل عمل او كل حديث يصل الى الهدف النهائي يطلق عليه «تأويل» وتحقق الرؤيا في الخارج مصداق للتأويل ... و «الأحاديث» جمع الحديث ، وهو نقل ما يجري ، والحديث هنا كناية عن الرؤيا لان الإنسان ينقلها للمعبرين.