أمثالهما.
٣ ـ تعبير لوط (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) في آخر كلامه مع قومه المنحرفين يكشف عن هذه الحقيقة ، وهي انّ وجود رجل ـ ولو رجل واحد رشيد ـ بين قوم ما وقبيلة ما يكفي لردعهم من اعمالهم المخزية ، اي لو كان فيكم رجل عاقل ذو لبّ ورشد لمّا قصدتم بيتي ابتغاء الاعتداء على ضيفي!
هذا التعبير يوضح بجلاء اثر «الرّجل الرّشيد» في قيادة المجتمعات الانسانية ، وهو الواقع الذي وجدنا نماذج كثيرة منه على امتداد التاريخ.
٤ ـ من العجيب انّ هؤلاء القوم المنحرفين الضالين قالوا للوط : (ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) وهذا التعبير كاشف عن غاية الانحراف في هذه الجماعة ، اي انّ مجتمعا منحرفا ملوثا بلغ حدّا من العمى بحيث يرى الباطل حقّا والحقّ باطلا!! فالزواج من البنات المؤمنات الطاهرات لا يعدّ حقا عندهم ، وعلى العكس من ذلك يعدّ الانحراف الجنسي عندهم حقّا.
انّ الاعتياد والتطبع على الإثم والذنب يكون في مراحله النهائية والخطرة عند ما يتصور انّ اسوا الأعمال وأخزاها هي «حق عند صاحبها» وانّ أنقى الاستمتاع الجنسي واطهره امر غير مشروع.
٥ ـ ونقرا في حديث للإمام الصّادق عليهالسلام في تفسير الآيات المتقدمة انّ المقصود بالقوّة هو القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وانّ «الركن الشديد» هم أصحابه الذين عددهم (٣١٣) شخصا (١).
وقد تبدو هذه الرّواية عجيبة وغريبة إذ كيف يمكن الاعتقاد انّ لوطا كان يتمنّى ظهور مثل هذا الشخص مع أصحابه المشار إليهم آنفا.
ولكن التعرف على الرّوايات الواردة في تفسير آيات القرآن حتى الآن يعطينا مثل هذا الدرس ، وهو انّ قانونا كليا يتجلى غالبا في مصداقه البارز ، ففي
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٢٨.