أسرعت خلفه لتمنعه من الخروج ، وسحبت قميصه من خلفه فقدّته (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ).
(الاستباق) في اللغة هو المسابقة بين شخصين او اكثر.
و (قدّ) بمعنى مزّق طولا ، كما انّ «قطّ» بمعنى مزّق عرضا ، ولذلك نقرا في الحديث .. «كانت ضربات علي بن أبي طالب عليهالسلام أبكارا ، إذا اعتلى قدّ ، وإذا اعترض قطّ» (١).
وعلى كلّ حال فقد أوصل يوسف نفسه نحو الباب وفتحه فرأيا «يوسف وامراة العزيز» عزيز مصر خلف الباب فجأة. يقول القرآن الكريم : (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ).
«ألفيا» من مادّة «الالفاء» ومعناها العثور المفاجئ .. والتعبير عن الزوج بـ «السيّد» كما يقول بعض المفسّرين كان طبقا للعرف السائد في مصر ، حيث كانت تخاطب المراة زوجها بالسيّد.
في هذه اللحظة التي رأت امراة العزيز نفسها على أبواب الفضيحة من جهة ، وشعلة الانتقام تتأجّج في داخلها من جهة اخرى ، كان اوّل شيء توجّهت اليه ان تخاطب زوجها متظاهرة بمظهر الحقّ متّهمة يوسف إذ (قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
من الطريف هنا انّ هذه المراة الخائنة نسيت نفسها انّها امراة العزيز حينما كانت لوحدها مع يوسف ، ولكن عند ما وجدت نفسها مشرفة على الافتضاح ، عبّرت عن نفسها بأنّها اهله لتثير فيه احساس الغيرة! فهي خاصّة به ولا ينبغي لأحد ان يلقي عليها نظرات الطمع!!
وهذا الكلام قريب الشبه بكلام فرعون مصر في عصر موسى إذ قال : (أَلَيْسَ
__________________
(١) مجمع البيان : ذيل الآية.