لِي مُلْكُ مِصْرَ) ، (١) حيث كان جالسا على عرش السلطنة! ولكنّه حين وجد نفسه مشرفا على السقوط ، ووجد ملكه وتاجه في خطر ، قال عن موسى وأخيه : (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) (٢).
والأمر الآخر انّ امراة العزيز لم تقل انّ يوسف كان يريد السوء بي ، بل تحدّثت [عن ما يستحقّه من الجزاء] مع عزيز مصر ، فكأنّ اصل المسألة مسلّم به!! والكلام عن كيفية الجزاء.
وهذا التعبير المدروس الذي كان في لحظة اضطراب ومفاجأة للمراة يدلّ على شدّة احتيالها (٣).
ثمّ انّ التعبير عن السجن اوّلا ، ثمّ عدم قناعتها بالسجن وحده ، إذ تتجاوز هذا الحكم الى العذاب الأليم او «الاعدام» مثلا.
ولكن يوسف أدرك انّ السكوت هنا غير جائز .. فأماط اللثام عن عشق امراة العزيز (قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي).
وطبيعي انّ مثل هذا الحادث من العسير تصديقه في البداية ، اي انّ شابّا يافعا غير متزوّج لا يعدّ آثما ، ولكن امراة متزوّجة ذات مكانة اجتماعية ـ ظاهرا ـ آثمة! فلذلك كانت أصابع الاتّهام تشير الى يوسف اكثر من امراة العزيز.
ولكن حيث انّ الله حامي الصالحين والمخلصين فلا يرضى ان يحترق هذا الشاب المجاهد بشعلة الاتّهام ، لذلك يقول القرآن في هذا الصدد : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ). واي دليل أقوى من هذا الدليل ، لانّ طلب المعصية ان كان من طرف امراة العزيز فقد ركضت خلف يوسف وقدّت
__________________
(١) الزخرف ، ٥١.
(٢) سورة طه ، ٦٣.
(٣) في المراد من «ما» من قولها «ما جَزاءُ» أهي نافية ام استفهامية ، هناك اختلاف بين المفسّرين ، والنتيجة واحدة.