فأوّل مراحل الحبّ «الهوى» ومعناه الميل ، ثمّ «العلاقة» وهي المحبّة الملازمة للقلب ، وبعدها «الكلف» وهو الحبّ الشديد ، ثمّ «العشق» وبعده «الشعف» بالعين المهملة اي الحالة التي يحترق القلب فيها من الحبّ ويحسّ باللّذة من هذه الحالة .. وبعدها «اللوعة» ثمّ «الشغف» وهو المرحلة التي ينفذ العشق فيها الى جميع زوايا القلب ، ثمّ «الوله» وهو المرحلة التي تخطف عقل الإنسان من العشق ، وآخر المراحل «الهيام» وهو المرحلة التي تذهل العاشق وتجرّه الى كلّ جهة دون اختياره (١).
هناك مسألة جديرة بالالتفات وهي : من الذي أذاع هذا السرّ؟ هل كان من امراة العزيز التي لم ترغب في هذه الفضيحة ابدا! او من قبل العزيز نفسه! وكان يؤكّد على كتمان السرّ ، او القاضي الحكيم الذي حكم في الأمر ، ويستبعد منه هذا العمل؟!
وعلى كلّ حال فإنّ مثل هذه المسائل في هذه القصور المفعمة بالفساد لا تبقى طيّ الكتمان ، وأخيرا فإنّها تنتقل على السنة الذين يظهرون الحرص على شرف القصر وتنتشر ، ومن الطبيعي ان يضيف عليها آخرون اوراقا واغصانا.
امّا امراة العزيز فقد وصلها ما دار بين النسوة من افتضاحها (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) (٢).
هذا العمل دليل على انّ امراة العزيز لم تكن تكترث بزوجها ، ولم تأخذ الدرس من فضيحتها ، ثمّ أمرت يوسف ان يتخطّى في المجلس (وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) وتعبير (اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) بدلا من «ادخل» يشير الى انّها كانت اخفت يوسف داخل البيت ، او جعلته مشغولا في احدى الغرف التي يوضع فيها الغذاء
__________________
(١) تفسير (روح المعاني) ج ١٢ ص ٢٠٣.
(٢) «المتّكأ» ما يتكأ عليه كالكراسي والاسرة ، وما يوضع خلف الظهر كما هو معروف في القصور ، ولكن البعض قال : انّ المتّكأ هو نوع من الفواكه المعروفة «بالاترنج» والذين فسّروا المتّكأ بالمعنى المتقدّم قالوا ايضا : انّها فاكهة «الأترنج» وهي فاكهة من فصائل الحمضيات لها قشر ضخم يستعمل في المربيات ، وهذه الفاكهة في مصر خفيفة الحموضة الحموضة وتؤكل!