عادة حتّى يكون دخوله الى المجلس مفاجأة للجميع.
نساء مصر ـ وطبقا لبعض الرّوايات التي تقول : كنّ عشرا .. او اكثر ـ فوجئن بظهور يوسف كأنّه البدر او الشمس الطالعة ، فتحيّرن من جماله (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) وفقدن انفسهنّ (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) مكان الفاكهة ، وحين وجدن الحياء والعفّة تشرقان من عينيه وقد احمّر وجهه خجلا صحن جميعا (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١).
وهناك اقوال بين المفسّرين في انّ النسوة الى اي حدّ قطّعن أيديهن؟ فمنهم من بالغ في الأمر ، ولكن كما يستفاد من القرآن على نحو الإجمال انّهن جرحن ايديهنّ.
وفي هذه الحال التي كانت الدماء تسيل من ايدي النسوة وقد لاحظن ملامح يوسف كلّها وصرن امامه «كالخشب المسنّدة» كشفن عن انّهن لسن بأقل من امراة العزيز عشقا ليوسف ، فاستغلّت امراة العزيز هذه الفرصة ف (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ).
فكأنّ امراة العزيز أرادت ان تقول لهنّ : لقد رأيتن يوسف مرّة واحدة فحدث لكنّ ما حدث وفقدتنّ صوابكن وقطعتن أيديكن من جماله وعشقه ، فكيف الام وانا أراه واسكن معه ليل نهار؟!
وهكذا احسّت امراة العزيز بالغرور لانّها وفّقت في ما ألقته من فكرة واعطت لنفسها العذر ، واعترفت بكلّ صراحة بكلّ ما فعلت وقالت : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ).
وبدلا من ان تظهر الندم على كلامها او تتحفّظ على الأقل امام ضيوفها ، أردفت القول بكلّ جدّ يحكي عن ارادتها القطعيّة : (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ
__________________
(١) «حاش لله» من مادة «حشى» معناها الطرف او الناحية .. والتحاشي الابتعاد ومفهوم جملة «حاش لله» اي ان الله منزه ، وهي اشارة الى ان يوسف عبد منزه وطاهر.