لَيُسْجَنَنَ ...) ولا اكتفي بسجنه ، بل (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ).
ومن الطبيعي انّه إذا اكتفى عزيز مصر إزاء خيانة امرأته بالقول : (اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) فينبغي ان تجرّ امرأته الفضيحة الى هذه المرحلة .. وأساسا فإنّ مثل هذه الأمور والمسائل في قصور الفراعنة والملوك ليست أمورا مهمّة.
ينقل البعض روايات عجيبة مؤدّاها انّ بعضا من نسوة مصر أعطين الحقّ لامرأة العزيز ودرن حول يوسف ليرغّبنه بأن يستسلم لحبّها وكلّ واحدة تكلّمت بكلام!
فقالت واحدة : ايّها الشاب ما هذا الصبر والدلال ، ولم لا ترحم هذه العاشقة الواهبة قلبها لك ، الا ترى هذا الجمال الآسر؟ أليس عندك قلب؟! الست شابّا؟ الا تستلذّ بالعشق والجمال ، فهل أنت حجارة او خشب؟!
وقالت الثّانية : إذا كنت لا تعرف عن الجمال والعشق شيئا .. لكن الا تدري انّ امراة العزيز ذات نفوذ وقدرة .. الا تفكّر ان لو ملكت قلبها فستنال كلّ شيء وتبلغ ايّ مقام شئت ... وقالت الثّالثة : إذا كنت لا ترغب في جمالها المثير ولا تحتاج الى مقامها ومالها ، ولكن الا تعرف انّها ستنتقم لنفسها بما أوتيت من وسائل الانتقام الخطرة ، الا تخاف من السجن ووحشته ومن الغربة المضاعفة فيه؟!
تهديد امراة العزيز من جانبها بالسجن والاذلال من جهة ، ووساوس النسوة الملوّثات اللائي خطّطن ليوسف كما يخطّط الدلّال من جهة اخرى ، اوقعا يوسف في ازمة شديدة ، وأحاط به طوفان المشاكل ، ولكن حيث انّ يوسف كان قد صنع نفسه ، وقد أوجد نور الايمان والعفّة والتقوى في قلبه هدوءا وسكينة خاصّة ، فقد صمّم بعزم وشجاعة والتفت نحو السّماء ليناجي ربّه وهو في هذه الشدّة (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ).
وحيث كان يدري ان لا مهرب له الّا الى الله في جميع الأحوال ولا سيما في