الساعات الحرجة ، فقد أودع نفسه عند الله بهذا الكلام (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ).
ربّاه ... انّني أتقبّل السجن الموحش رعاية لأمرك وحفظا لطهارة نفسي ... هذا السجن تتحرّر فيه روحي وتطهّر نفسي ، وانا ارفض هذه الحريّة الظاهرية التي تأسر روحي في سجن «الشهوة» وتلوّث نفسي.
ربّاه .. اعنّي ، وهب لي القوّة ، وزدني قدرة وعقلا وايمانا وتقوى ، حتّى انتصر على هذه الوساوس!
وحيث انّ وعد الله حقّ ، وانّه يعين المجاهد (لنفسه او لعدوّه) فإنّه لم يترك يوسف سدى وتلقفته رحمته ولطفه كما يقول القرآن الكريم : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فهو يسمع نجوى عبيده ، وهو مطلع على اسرارهم ، ويعرف طريق الحلّ لهم.
* * *
ملاحظات
١ ـ كما رأينا من قبل فإنّ امراة العزيز ونسوة مصر ، استفدن من امور مختلفة في سبيل الوصول الى مرادهن ، فمرّة بإظهار العشق والعلاقة الشديدة والتسليم المحض ، ومرّة بالترغيب والطمع ، ثمّ بالتهديد ، او بتعبير آخر : توسلن بالشهوة والمال والقوّة!!
وهذه اصول متّحدة المآل يتوسّل بها الطغاة والمتجبرون في كلّ عصر وزمان ، حتّى لقد رأينا كرارا ومرارا انّهم ومن اجل ان يجبروا رجال الحقّ على الاستسلام ، يظهرون لهم في مجلس واحد لينا للغاية ويلوّحون بالمساعدات وانواع الأمداد ترغيبا ، ثمّ يتوسلون في نهاية المجلس بالتهديد والوعيد ، ولا يلتفتون الى ما في هذا من التناقض في مجلس واحد وما فيه من دناءة وخسّة