عجزهم عن التعبير والتأويل فحسب.
وهنا تذكّر ساقي الملك ما حدث له ولصاحبه في السجن مع يوسف ، ونجا من السجن كما بشّره يوسف (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ).
اجل في زاوية السجن يعيش رجل حيّ الضمير طاهر القلب مؤمن وقلبه مرآة للحوادث المستقبلية ، انّه الذي يستطيع ان يكشف الحجاب عن هذه الرؤيا المغلقة ويعبّرها.
جملة (فَأَرْسِلُونِ) تشير الى انّ من الممكن ان يكون يوسف ممنوع المواجهة ، وكان الساقي يريد ان يأذن الملك ومن حوله بمواجهته لهذا الشأن.
وهكذا حرّك كلام الساقي المجلس وشخصت الأبصار نحوه ، وطلبوا منه الاسراع بالذهاب اليه والإتيان بالخبر.
مضى الساقي الى السجن ليرى صديقه القديم .. ذلك الصديق الذي لم يف بوعده له ، لكنّه ربّما كان يعرف انّ شخصية يوسف الكريمة تمنعه من فتح «باب العتاب» فالتفت اليه وقال : (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ).
كلمة «الناس» تشير الى احتمال انّ رؤيا الملك صيّرها أطرافه المتملّقون وحاشيته حادثة مهمّة لذلك اليوم ، فنشروها بين الناس وعمّموا حالة «القلق» من القصر الى الوسط الاجتماعي العام.
وعلى كلّ حال فإنّ يوسف دون ان يطلب شرطا او قيدا او اجرا لتعبيره عبّر الرؤيا فورا تعبيرا دقيقا لا غموض فيه ولا حجاب مقرونا بما ينبغي عمله في المستقبل و (قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا