قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) (١).
ثمّ انّه يحلّ بكم القحط لسبع سنين متوالية فلا امطار ولا زراعة كافية ، فعليكم بالاستفادة ممّا جمعتم في سنيّ الرخاء (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ).
ولكن عليكم ان تحذروا من استهلاك الطعام (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ) وإذا واظبتم على هذه الخطّة فحينئذ لا خطر يهدّدكم لانّه (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) ..
و (يُغاثُ النَّاسُ) اي يدركهم الغيث فتكثر خيراتهم ، وليس هذا فحسب ، بل (فِيهِ يَعْصِرُونَ) المحاصيل لاستخراج الدهن والفاكهة لشراب عصيرها .. إلخ.
* * *
ملاحظات
١ ـ كم كان تعبير يوسف لهذه الرؤيا دقيقا ومحسوبا ، حيث كانت البقرة في الأساطير القديمة مظهر «السنة» .. وكون البقرات سمانا دليل على كثرة النعمة ، وكونها عجافا دليل على الجفاف والقحط ، وهجوم السبع العجاف على السبع السّمان كان دليلا على ان يستفاد من ذخائر السنوات السابقة.
وسبع سنبلات خضر وقد أحاطت بها سبع سنبلات يابسات تأكيد آخر على هاتين الفترتين فترة النعمة وفترة الشدّة.
اضافة الى انّه اكّد له على هذه المسألة الدقيقة ، وهي خزن المحاصيل في
__________________
(١) كلمة «داب» على وزن «ادب» تعني في الأصل ادامة الحركة ، كما انّها بمعنى العادة المستمرة ، فيكون معنى الكلام : عليكم ان تزرعوا تبعا لعادتكم المستمرة في مصر ولكن ينبغي ان تقتصدوا في مصرفه .. ويحتمل ان يكون المراد منه ان تزرعوا بجد وجهد اكثر فأكثر لانّ دأبا ودؤوبا بمعنى الجدّ والتعب ايضا ، اي اعملوا حتّى تتعبوا.