للمستقبل خطّة مدروسة ايضا.
لقد فهم الملك اجمالا انّ يوسف لم يكن رجلا يستحقّ السجن ، بل هو شخص اسمى مقاما من الإنسان العادي ، دخل السجن نتيجة حادث خفيّ ، لذلك تشوّق لرؤيته ، ولكن لا ينبغي للملك ان ينسى غروره ويسرع الى زيارته ، بل امر ان يؤتى به اليه كما يقول القرآن : (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) لم يوافق يوسف على الخروج من السجن دون ان يثبت براءته ، فالتفت الى رسول الملك و (قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) اذن .. فيوسف لم يرغب ان يكون كأي مجرم ، او على الأقل كأي متّهم يعيش مشمولا بـ «عفو الملك» .. لقد كان يرغب اوّلا ان يحقّق في سبب حبسه ، وان تثبت براءته وطهارة ذيله ، ويخرج من السجن مرفوع الراس ، كما يثبت ضمنا تلوّث النظام الحكومي وما يجري في قصر وزيره!.
اجل لقد اهتمّ بكرامة شخصيته وشرفه قبل خروجه من السجن ، وهذا هو نهج الأحرار.
الطريف هنا انّ يوسف في عبارته هذه أبدى سموا في شخصيته الى درجة انّه لم يكن مستعدّا لانّ يصرّح باسم امراة العزيز التي كانت السبب المباشر في اتّهامه وحبسه ، بل اكتفى بالاشارة الى جماعة النسوة اللاتي لهنّ علاقة بهذا الموضوع فحسب.
ثمّ يضيف يوسف : إذا لم يعلم سبب سجني شعب مصر ولا جهازه الحكومي وبأي سبب وصلت السجن ، فالله مطّلع على ذلك (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ).
عاد المبعوث من قبل الملك الى يوسف مرّة ثانية الى الملك ، وأخبره بما طلبه يوسف مع ما كان من إبائه وعلوّ همّته ، لذا عظم يوسف في نفس الملك وبادر مسرعا الى إحضار النسوة اللائي شاركن في الحادثة ، والتفت اليهنّ (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ) يجب ان تقلن الحقّ .. هل ارتكب