عيناها على الواقع اكثر ، فلا عجب ان تعترف هذا الاعتراف الصريح.
وتواصل امراة العزيز القول : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) وبحفظه واعانته نبقى مصونين ، وانا أرجو ان يغفر لي ربّي هذا الذنب (إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قال بعض المفسّرين : انّ الآيتين الأخيرتين من كلام يوسف ، وقالوا : انّهما في الحقيقة تعقيب لما قاله يوسف لرسول الملك ومعنى الكلام يكون هكذا.
«إذا قلت حقّقوا عن شأن النسوة اللائي قطّعن أيديهن ، فمن اجل ان يعلم الملك او عزيز مصر الذي هو وزيره ، انّي لم اخنه في غيابه والله لا يهدي كيد الخائنين كما لا أبرئ نفسي لانّ النفس امّارة بالسوء الّا ما رحم ربّي انّ ربّي غفور رحيم».
الظاهر انّ الهدف من هذا التّفسير المخالف لظاهر الآية انّهم صعب عليهم قبول هذا المقدار من العلم والمعرفة لامراة العزيز التي تقول بلحن مخلص وحاك عن التنبّه والتيقّظ.
والحال انّه لا يبعد انّ الإنسان حين يرتطم في حياته بصخرة صمّاء ، تظهر في نفسه حالة من التيقّظ المقرون بالاحساس بالذنب والخجل ، خاصّة انّه لوحظ انّ الهزيمة في العشق المجازي يجرّ الإنسان الى طريق العشق الحقيقي «عشق الله».
وبالتعبير علم النفس المعاصر : انّ تلك الميول النفسية المكبوتة يحصل فيها حالة ال «تصعيد» وبدلا من تلاشيها وزوالها فانّها تتجلّى بشكل عال.
ثمّ انّ قسما من الرّوايات التي تشرح حال امراة العزيز ـ في السنين الاخيرة من حياتها ـ دليل على هذا التيقّظ والانتباه ايضا.
وبعد هذا كلّه فربط هاتين الآيتين بيوسف ـ الى درجة ما ـ بعيد ، وهو خلاف الظاهر بحيث لا ينسجم مع اي من المعايير الادبية للأسباب الآتية :