مصر) بيّن له الطرق الكفيلة للخلاص من المشكلة الاقتصادية المتفاقمة القادمة.
ثمّ يستمر القرآن بذكر القصّة فيقول : (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) وهكذا امر الملك بإحضاره لكي يجعله مستشاره الخاص ونائبه في المهمّات فيستفيد من علمه ومعرفته وخبرته لحلّ المشاكل المستعصية.
ثمّ أرسل الملك مندوبا لزيارته في السجن ، فدخل عليه وأبلغه تحيات الملك وعواطفه القلبية تجاهه ثمّ قال له : انّه قد لبّى طلبك في البحث والتحقيق عن نساء مصر واتّهامهنّ ايّاك ، حيث شهدنّ جميعهنّ صراحة ببراءتك ونزاهتك فالآن لا مجال للتأخير ، قم لنذهب الى الملك.
فدخل يوسف على الملك وتكلّم معه فعند ما سمع من يوسف الاجوبة التي تحكي عن علمه وفراسته وذكائه الحادّ ، ازداد حبّا له وقال : انّ لك اليوم عندنا منزلة رفيعة وسلطات واسعة وانّك في موضع ثقتنا واعتمادنا (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) فلا بدّ ان تتصدّى للمناصب الهامّة في هذا البلد ، وتهتمّ بإصلاح الأمور الفاسدة ، وانّك تعلم (حينما فسّرت الرؤيا) بأنّ ازمة اقتصادية شديدة سوف تعصف بهذا البلد ، وفي تصوّري انّك الشخص الوحيد القادر على ان يتغلّب على هذه الازمة.
فاختار يوسف منصب الامانة على خزائن مصر ، وقال اجعلني مشرفا على خزائن هذا البلد فإنّي حفيظ عليم وعلى معرفة تامّة بأسرار المهنة وخصائصها (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
كان يوسف يعلم انّ جانبا كبيرا من الاضطراب الحاصل في ذلك المجتمع الكبير المليء بالظلم والجور يكمن في القضايا الاقتصادية ، والآن وبعد ان عجزت اجهزة الحكم من حلّ تلك المشاكل واضطرّوا لطلب المساعدة منه ، فمن الأفضل له ان يسيطر على اقتصاد مصر حتّى يتمكّن من مساعدة المستضعفين وان يخفّف عنهم ـ قدر ما يستطيع ـ الآلام والمصاعب ويستردّ حقوقهم من