الظالمين. ويقوم بترتيب الأوضاع المترديّة في ذلك البلد الكبير ، ويجعل الزراعة وتنظيمها هدفه الاوّل وخاصّة بعد وقوفه على انّ السنين القادمة هي سنوات الوفرة حيث تليها سنوات المجاعة والقحط ، فيدعو الناس الى الزراعة وزيادة الانتاج وعدم الإسراف في استعمال المنتوجات الزراعية وتقنين الحبوب وخزنها والاستفادة منها في ايّام القحط والشدّة.
وهكذا لم ير يوسف بدّا من توليّة منصب الاشراف على خزائن مصر.
وقال البعض : انّ الملك حينما راى في تلك السنة انّ الأمور قد ضاقت عليه وعجز عن حلّها ، كان يبحث عمّن يعتمد عليه وينجّيه من المصاعب ، فمن هنا حينما قابل يوسف ورآه أهلا لذلك أعطاه مقاليد الحكم بأجمعها واستقال هو من منصبه.
وقال آخرون : انّ الملك جعله في منصب الوزير الاوّل بديلا عن (عزيز مصر).
والاحتمال الآخر هو انّه بقي مشرفا على خزائن مصر ـ وهذا ما يستفاد من ظاهر الآية الكريمة ، الّا انّ الآيتين (١٠٠) و (١٠١) واللتين يأتي تفسيرهما بإذن الله تدلّان على انّه أخيرا استقلّ بأمور مصر ـ بدل الملك وصار هو ملكا على مصر.
وبرغم انّ الآية رقم (٨٨) تقول : انّ اخوة يوسف حينما دخلوا عليه نادوه باسم (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) وهذا دليل على انّه استقلّ بمنصب عزيز مصر ، لكن نقول : انّه لا مانع من ان يكون يوسف قد ارتقى سلّم المناصب تدريجا حيث كان في اوّل الأمر مشرفا على الخزائن ، ثمّ جعل الوزير الاوّل ، وأخيرا صار ملكا على مصر.
ثمّ يقول الله سبحانه وتعالى منهيا بذلك قصّة يوسف عليهالسلام : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ).