من أربعين سنة ، ومن جهة اخرى كان لا يخطر ببالهم انّ أخوهم صار عزيزا لمصر ، وحتّى لو رأوا الشبه بين العزيز وبين أخيهم لحملوه على الصدفة.
اضافة الى هذا فإنّ ملابس يوسف تختلف عن السابق ، ومن الصعب عليهم معرفة يوسف وهو في ملابس اهل مصر ، كما انّ احتمال بقاء يوسف على قيد الحياة بعد هذه المدّة كان ضعيفا عندهم ، وعلى ايّة حال فإنّ اخوة يوسف قد اشتروا ما طلبوه من الحبوب ودفعوا ثمنه بالأموال او الكندر او الاحذية او بسائر ما جلبوه معهم من كنعان الى مصر.
امّا يوسف فإنّه قد رحّب بإخوته ولاطفهم وفتح باب الحديث معهم ، قالوا : نحن عشرة اخوة من أولاد يعقوب ، ويعقوب هو ابن ابراهيم الخليل نبي الله العظيم ، وأبونا ايضا من أنبياء الله العظام ، وقد كبر سنّه والمّ به حزن عميق ملك عليه وجوده.
فسألهم يوسف : لماذا هذا الغمّ والحزن؟
قالوا : كان له ولد أصغر من جميع اخوته وكان يحبّه كثيرا ، فخرج معنا يوما للنزهة والتفرّج والصيد وغفلنا عنه فأكله الذئب ، ومنذ ذلك اليوم وأبونا يبكي لفراقه.
نقل بعض المفسّرين انّه كان من عادة يوسف ان لا يعطي ولا يبيع لكلّ شخص الّا حمل بعير واحد ، وبما انّ اخوته كانوا عشرة فقد باع لهم ١٠ أحمال من الحبوب ، فقالوا : انّ لنا أبا شيخا كبيرا عاجزا عن السفر وأخا صغيرا يرعى شؤون الأب الكبير ، فطلبوا من العزيز ان يدفع إليهم حصّتهما ، فأمر يوسف ان يضاف الى حصصهم حملان آخران ، ثمّ توجّه إليهم مخاطبا ايّاهم وقال : انّي ارى في وجوهكم النبل والرفعة كما انّكم تتحلّون بأخلاق طيبة ، وقد ذكرتم انّ أباكم يحبّ أخاكم الصغير كثيرا ، فيتّضح انّه يمتلك صفات ومواهب عالية وفذّة ولهذا احبّ ان أراه اضافة الى هذا ، فإنّ الناس هنا قد أساءوا الظنّ بكم واتهموكم ،