قال بنيامين : نعم ، ولكن اخوتي لا يوافقون على ذلك ، لانّهم قد اعطوا أبي العهود والمواثيق المغلّظة بأن يرجعوني اليه سالما.
قال يوسف : لا تهتمّ بهذا الأمر فإنّي سوف أضع خطّة محكمة بحيث يضطرّون لتركك عندي والرجوع دونك.
وبدا يوسف بتنفيذ الخطّة ، وامر بأن يعطي لكلّ واحد منهم حصّة من الطعام والحبوب ثمّ عند ذاك (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ).
لا شكّ في أنّ يوسف قام بهذا العمل بسرية تامّة ، ولعلّه لم يطّلع على هذه الخطّة سوى موظّف واحد وعند ذاك افتقد العاملون على تزويد الناس بالمؤونة الكيل الملكي الخاص ، وبحث عنه الموظّفون والعمّال كثيرا لكن دون جدوى وحينئذ (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ).
وحينما سمع اخوة يوسف هذا النداء ارتعدت فرائصهم واستولى عليهم الخوف ، حيث لم يخطر ببالهم ان يتّهموا بالسرقة بعد الحفاوة التي قوبلوا بها من جانب يوسف ، فتوجّهوا الى الموظفين والعمال وقالوا لهم : ماذا فقدتم؟ (قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ).
قالوا : قد فقدنا صواع الملك ونظنّ انّه عندكم (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ) وبما انّ الصواع ثمين ومورد علاقة الملك فانّ لمن يعثر عليه جائزة ، وهي حمل بعير من الطعام (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) ، ثمّ أضاف المؤذّن والمسؤول عن البحث عن الصواع المفقود : انّني شخصيّا اضمن هذه الجائزة (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ).
فاشتدّ اضطراب الاخوة لسماعهم هذه الأمور وزادت مخاوفهم ، وتوجّهوا الى الموظّف مخاطبين ايّاه (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ).
قولهم (لقد علمتم ما جئنا ... الى آخره) لعلّه اشارة الى ما قصده الاخوة في خطابهم للموظفين من انّكم قد وقفتم على حسن نيّتنا في المرّة السابقة حيث