جئناكم وقد وضعتم الأموال التي دفعناها إليكم ثمنا للطعام في رحالنا ، لكنّنا رجعنا إليكم مرّة ثانية ، فلا يعقل انّنا وقد قطعنا المسافات البعيدة للوصول الى بلدكم نقوم بعمل قبيح ونسرق الصواع؟
اضافة الى هذا فقد ورد في بعض المصادر انّ الاخوة حينما دخلوا ارض مصر ألجموا جمالهم ليمنعوها من التطاول والتعدّي على المزارع واموال الناس ، فمثلنا الحريص على اموال الناس كيف يعقل ان يقوم بهذا العمل القبيح؟ الّا انّ الموظفين توجّهوا إليهم و (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ).
أجاب الاخوة : إنّه عقاب من وجد الصواع في رحله هو ان يؤخذ الشخص نفسه بدل الصواع (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) وانّ هذا العقاب هو جزاء السارق (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
وحينئذ امر يوسف الموظفين والعمال بأنّ تنزل رحالهم من على ظهور الجمال ويفتح متاعهم وان يبحثوا فيها واحدا بعد واحد ودون استثناء ، وتجنّبا عن انكشاف الخطّة امر يوسف بأن يبداوا البحث والتفتيش في امتعة الاخوة اوّلا قبل امتعة أخيه بنيامين ، لكنّهم وجدوه أخيرا في امتعة بنيامين (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ).
بعد ان عثر على الصاع في متاع بنيامين ، استولى الارتباك والدهشة على الاخوة ، وصعقتهم هذه الواقعة ورأوا أنفسهم في حيرة غريبة ، فمن جهة قام أخوهم بعمل قبيح وسرق صواع الملك ، وهذا يعود عليهم بالخزي والعار ، ومن جهة اخرى انّ هذا العمل سوف يفقدهم اعتبارهم ونفوذهم عند الملك خصوصا مع حاجتهم الشديدة الى الطعام ، واضافة الى كلّ هذا ، كيف يجيبون على استفسارات أبيهم؟ وكيف يقنعونه بذنب ابنه وعدم تقصيرهم في ذلك؟
قال بعض المفسّرين : انّه بعد ان عثر على الصاع توجّه الاخوة الى بنيامين وعاتبوه عتابا شديدا ، فقالوا له : الا تخجل من فعلك القبيح قد فضحتنا وفضحت