(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ).
وهذه الدعوة عامّة للجميع ، ومائدة واسعة للعام والخاص وكلّ البشرية.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ).
فهذه الدلائل يرونها بأعينهم كلّ يوم! تشرق الشمس عند الصباح لتنشر أشعتها الذهبية على الجبال والوديان والصحاري والبحار ، وتغرب عند المساء ويعمّ الليل بستاره المظلم كلّ مكان.
انّ اسرار هذا النظام العجيب وهذا الشروق والغروب وحياة النباتات والحشرات والإنسان ، وهدير المياه ، وحركة النسيم ، وكلّ هذا الفن العجيب للوجود هو من الوضوح بحيث ان لم يتدبّر احد فيه وفي خالقه سيكون كالخشبة المسنّدة.
كثيرة هي الدلائل التي نعتبرها صغيرة وغير مهمّة ، فنحن نمرّ عليها كلّ يوم ولا نعير لها اهميّة ، وفجأة يظهر عالم ذو بصيرة فيكتشف بعد دراسة أشهر وسنين اسرار هذه الدلائل ويذهل العالم بها.
المهمّ ان نعلم انّ كلّ ما في العالم ليس زخرفا وبدون فائدة ، لانّها من مخلوقات الله الذي لا نهاية لعلمه ولا حدّ لحكمته. وانّما الساذج والزخرف فهم أولئك الذين يعتقدون بأنّ العالم وجود عبث وليس له غاية وفائدة. ولهذا فلا تعجب لعدم ايمانهم بالآيات المنزلة عليك ، لانّهم لم يؤمنوا بالآيات المحيطة بهم من كلّ مكان (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
قد يتصوّر هؤلاء انّهم من المؤمنين المخلصين ولكن غالبا ما توجد جذور الشرك في افكارهم وأقوالهم وضمائرهم.
ليس الايمان هو الاعتقاد بوجود الله فقط ، فالمؤمن المخلص هو الذي لا يعتقد بأيّ معبود سوى الله ، فتكون أقواله واعماله وكلّ أفعاله خاضعة له. ولا يعترف بغير قانون الله ، ولا يضع طوق العبوديّة في رقبته لغيره ، ويمتثل بقلبه