ولكن لم يكن يعلم اي واحد انّ هذا القانون عام ، حتّى كشفه «لينه» ومن قبله القرآن الكريم.
وبما انّ حياة الإنسان وكلّ الكائنات ـ وخصوصا النباتات ـ لا يمكن لها الاستمرار الّا بوجود نظام دقيق للّيل والنهار ، فإنّ القرآن يشير الى ذلك في القسم الآخر من الآية (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ).
ولو لا ظلمة الليل وهدوؤه ، لأحرقت الشمس بنورها المستمر كلّ النباتات ، ولم تبق فاكهة ولا اي كائن حي على وجه الأرض ، فسطح القمر ليس له نهار دائم ومع هذا نجد ان حتّى هذا المقدار من نهاره الذي يعادل خمسة عشر يوما من ايّام الأرض. نرى انّ درجة فيها مرتفعة جدّا بحيث لو وضعنا هناك ماءا او اي سائل آخر فسوف يغلي ويتبخّر ، ولا يمكن لاي موجود حيّ في الأرض ان يتحمّل هذه الحرارة.
وتبيّن الآية في النهاية (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أولئك الذين يتفكّرون في هذا النظام الرائع ، في نظام النّور والظلام ، وحركة الاجرام السّماوية ، وتسخير الشمس والقمر وجعلها في خدمة الإنسان ، وفي نظام مدّ الأرض واسرار خلق الجبال والأنهار والنّباتات ، نعم! فهم يرون بوضوح في هذه الآيات الحكمة المطلقة والقدرة اللامتناهية للخالق العلّام.
وفي الآية الاخيرة من هذه المجموعة يشير القرآن الكريم الى عدّة نقاط حول علم الأرض وعلم النّبات ، والتي تعبّر عن النظام الدقيق للخلقة ، يقول اوّلا (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) (١) فبالرغم من انّ هذه القطع متصلة مع بعضها البعض ، فإنّ لكلّ واحد منها بناءه وتركيبه الخاص به ، فبعضها قوي والآخر ضعيف ، وبعضها مالح والآخر حلو ، وكلّ قطعة لها الاستعداد في تربية نوع خاص
__________________
(١) متجاور بمعنى الجار وما يكون قريبا ، فقوله : (قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) يقصد منه انّ هذه القطع مختلفة وليست متساوية ، والّا لم يكن للجملة معنى.