ومن جانب ثالث ذكر الفساد والإفساد مع ذنوب اخرى ، ويحتمل ان يكون مصداقا لها ، وبعض هذه الذنوب كبيرة وبعضها الآخر أصغر فمثلا قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) ، (١) وقوله تعالى (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ) (٢) (النَّسْلَ) ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ، (٣) وقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً). (٤)
ومرّة يعتبر فرعون من المفسدين ، وأثناء توبته عند غرقه في النيل يقول : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). (٥)
وقد استعمل «الفساد في الأرض» تعبيرا عن السرقة كما في قصّة يوسف عليهالسلام (تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ). (٦)
ومرّة اخرى كناية عن قلّة البيع ، كما في قصّة شعيب حيث نقرا قوله تعالى : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). (٧)
وأخيرا استخدم القرآن الكريم الفساد في التعبير عن اضطراب النظام الكوني (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا). (٨)
نستفيد من مجموع هذه الآيات انّ الفساد ـ بشكل عام ـ او الفساد في الأرض ، له معنى واسع جدّا ، بحيث يشمل اكبر الجرائم مثل جرائم فرعون وسائر
__________________
(١) المائدة ، ٣٣.
(٢) البقرة ، ٢٠٥.
(٣) البقرة ، ٢٧.
(٤) القصص ، ٨٣.
(٥) يونس ، ٩١.
(٦) يوسف ، ٧٣.
(٧) هود ، ٨٥.
(٨) الأنبياء ، ٢٢.