الطواغيت ، كما يشمل الأعمال الأقل اجراما منها مثل بخس الناس أشياءهم ، ويشمل كذلك اي خروج عن حالة الاعتدال كما أشرنا اليه سابقا. وبالنظر الى انّ العقوبة يجب ان تكون مطابقة للجريمة يتّضح لنا انّ كلّ مجموعة من هؤلاء المفسدين لها عقوبة معيّنة وجزاء خاص.
ونرى في الآية (٣٣) من سورة المائدة التي ذكرت «الفساد في الأرض مع محاربة الله ورسوله» انّ هناك اربع عقوبات ويجب على الحاكم الشرعي ان يختار العقوبة المناسبة على مقدار الجريمة (القتل ـ الصلب ـ قطع الايدي والأرجل ـ النفي) كما بيّن فقهاؤنا في كتبهم شروط وحدود المفسد في الأرض وعقوباته (١).
ولأجل ان نجتثّ هذه المفاسد ، يجب ان نستخدم الوسائل الكافية في كلّ مرحلة من مراحلها ، ففي المرحلة الاولى نستخدم أسلوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق النصائح والتذكير ، ولكن إذا ما استوجب الأمر نستعمل الشدّة حتّى لو ادّى ذلك الى القتال.
وبالاضافة الى ما أشرنا اليه ، فإنّ الجملة (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ترشدنا الى هذه الحقيقة في حياة المجتمع الانساني ، وهي انّ الفساد الاجتماعي لا يبقى في مكان معيّن ولا يمكن حصره في منطقة معيّنة ، بل ينتشر بين اوساط المجتمع وفي كافّة بقاع الأرض ويسري من مجموعة الى اخرى.
ويستفاد من الآيات القرآنية انّ واحدة من اهداف بعثة الأنبياء هو إنهاء حالة الفساد في الأرض (في معناه الواسع) كما نقرا في سورة هود الآية (٨٨) قول النّبي شعيب عليهالسلام (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ).
__________________
(١) ونحن أشرنا اليه بشكل مفصّل في ذيل الآية (٣٣) من سورة المائدة.