وعن الامام الصادق ايضا : «انّ الرجل يذنب فيحرم صلاة الليل ، وانّ العمل السيء اسرع في صاحبه من السكّين في اللحم» (١).
ونستفيد من هذه الآية ـ ضمنيا ـ انّ الايمان بدعوة الأنبياء والعمل بأحكامها يأخذ طابع الأجل المعلّق ، وتستمرّ حياة الإنسان الى «اجل مسمّى» (لانّنا نعلم انّ للإنسان نوعين من الآجال ، اجل محتوم ويكون بانتهاء الحياة في جسم الإنسان ، وأجل معلّق ويكون بفناء الإنسان على اثر عوامل وموانع في وسط العمر ، وهذا غالبا ما يكون بسبب اللامبالاة وارتكاب الذنوب ، وقد بحثنا هذا الموضوع في ذيل الآية (٢) من سورة الانعام).
ومع كلّ ذلك لم يقبل الكفّار المعاندون دعوة الحقّ المصحوبة بوضوح منطق التوحيد ، ومن خلال بيانهم المشوب بالعناد وعدم التسليم كانوا يجيبون الأنبياء بهذا القول : (قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) علاوة على ذلك (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) واكثر من ذلك (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ).
وقد ذكرنا مرارا (كما صرّح القرآن بذلك) انّ كون الأنبياء بشرا ليس مانعا لنبوّتهم ، بل هو مكمّل لها ، ولكن أولئك الأقوام يوردون هذه الحجّة دليلا لانكار الرسالة ، والهدف ـ غالبا ـ هو التبرير والعناد.
وكذلك الحال في الاستنان بسنّة الأجداد ، فإنّها وبالنظر الى هذه الحقيقة وهي انّ معرفة الأجيال القادمة اكثر من الماضين ، لا تعدو سوى خرافة وجهل.
ويتّضح من هنا انّ طلبهم لم يكن لاقامة البرهان الواضح ، بل لهروبهم من الحقيقة ، لانّ القرآن الكريم ـ كما قرانا مرارا ـ انّ هؤلاء المعاندين أنكروا الآيات الواضحة والدلائل البيّنة ، وكانوا يقترحون في كلّ مرّة معجزة ودليلا للتهرّب من الأمر الواقع.
وعلى كلّ حال نقرا في الآيات القادمة كيف أجابهم الأنبياء.
* * *
__________________
(١) سفينة البحار ، المجلّد الاوّل ، ص ٤٨٨.