في الأرض ملكهم ، حتّى انّهم لم يمنحوا لرسلهم حقوق المواطنة ، ولذلك يقولون «أرضنا». وفي الحقيقة فإنّ الله سبحانه وتعالى خلق الأرض وكلّ مواهبها للصالحين ، وهؤلاء الجبابرة في الواقع ليس لهم اي حقّ فيها.
وقد يتوهّم البعض انّ جملة (لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) اشارة الى انّ الأنبياء السابقين كانوا من أنصار عبادة الأصنام ، مع انّ الحقيقة ليست كذلك ، لانّهم ـ وبصرف النظر عن كونهم معصومين حتّى قبل نبوّتهم ـ فعقلهم ودرايتهم كان اكبر من ان يفعلوا هذا العمل غير الحكيم ، فيسجدوا امام الأحجار والأخشاب.
ويمكن ان يكون هذا التعبير بسبب انّ الأنبياء قبل بعثهم لم يؤمروا بالتبليغ ، فسكوتهم أوجد هذا الوهم بأنّهم من المشركين.
بالاضافة الى انّ الخطاب وان كان موجّها للرسل ، الّا انّه في الواقع يشمل حتّى الاصحاب ، ونعلم انّهم كانوا مع المشركين من قبل ، فنظر المشركين كان منصرفا الى الاصحاب فقط ، وتعبير «لتعودنّ» من باب التغليب (يعني حكم الاكثرية يسري على العموم).
وهناك جواب آخر لهذا الوهم وهو انّ «عود» إذا عدّيت بـ «الى» يكون معناها الرجوع ، وإذا عديت بـ «في» فتفيد تغيير الحال .. لذلك فمعنى الآية (لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) يكون مفهومها ان تغيّروا من حالكم وتدخلوا في ملّتنا ، وقد اختار هذا المعنى العلّامة الطباطبائي في الميزان ، ولكن عند مراجعتنا لبعض الآيات ومنها (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) تبيّن ان «عود» حتّى لو عدّيت بـ «في» فمعناها الرجوع ايضا (فتدبّر).
ثمّ يضيف القرآن الكريم لتسلية قلوب الأنبياء (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) فلا تخافوا من وعيدهم ، ولا تظهروا الضعف في ارادتكم.
وبما انّ الظالمين كانوا يهدّدون الأنبياء بالتبعيد عن أرضهم ، فإنّ الله في مقابل ذلك كان يعد الأنبياء (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) ولكن هذا النصر