المناسب من الله بلا ادنى شكّ ، هذا الجزاء يمكن ان يكون في الدنيا او الآخرة ، فالله عزوجل عالم وعادل لا يحرمهم من ذلك ، ولكن كيف؟ تفاصيله غير واضحة لنا ، ويمكن ان نقول : (انّ الله لا يضيع اجر هؤلاء المحسنين فيما إذا كانوا غير مقصّرين لعدم ايمانهم).
وليس عندنا اي دليل من انّ الآية (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) لا تشمل هؤلاء الافراد ، فإطلاق المحسنين في القرآن ليس خاصّا بالمؤمنين فقط ، ولذلك نرى انّ اخوة يوسف لما حضروا عنده وهم لا يعرفوه ويظنّون انّه عزيز مصر قالوا : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). (١)
وكذلك الآية (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) تشمل هؤلاء الافراد.
عن علي بن يقطين عن الامام الكاظم عليهالسلام قال : «كان في بني إسرائيل رجل مؤمن وجاره كافر ، وكان هذا الجار الكافر يحسن الى جاره المؤمن ، فعند ما ارتحل من الدنيا بنى له الله بيتا يمنعه من نار جهنّم. وقيل له : انّ هذا بسبب حسن سيرتك مع جارك المؤمن»(٢).
وعن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «انّ ابن جدعان اقلّ اهل جهنّم عذابا» قالوا : لماذا يا رسول الله؟ قال «انّه كان يطعم الطعام» وعبد الله بن جدعان احد مشركي مكّة المعروفين ومن زعماء قريش (٣).
وعن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعدي بن حاتم الطائي «رفع عن أبيك العذاب الشديد بسخاء نفسه» (٤).
وعن الامام الصادق عليهالسلام قال : «أتى رسول الله وفد من اليمن وكان فيهم رجل
__________________
(١) يوسف ، ٩٠.
(٢) البحار ، ج ٣ ، مطبعة كمباني ص ٣٧٧.
(٣) المصدر السابق ، ص ٣٨٢.
(٤) البحار ، ج ٢ ، ص ٦٠٧.