أعظمهم كلاما واشدّهم في محاجة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فغضب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى التوى عرق الغضب بين عينيه ، وتغيّر وجهه واطرق الى الأرض فأتاه جبرئيل فقال : ربّك يقرئك السّلام ويقول لك : هذا رجل سخي يطعم الطعام ، فسكن عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الغضب ورفع رأسه وقال : لولا انّ جبرئيل اخبرني عن الله عزوجل انّك سخي تطعم الطعام ، لشدوت بك وجعلتك حديثا لمن خلفك ، فقال له الرجل : وانّ ربّك ليحبّ السخاء؟ فقال : نعم ، قال : انّي اشهد ان لا اله الّا الله وانّك رسول الله والذي بعثك بالحقّ لا رددت عن مالي أحدا» (١).
وهنا يأتي هذا السؤال والذي يمكن ان نستفيده من بعض الآيات وكثير من الرّوايات ، وهو : هل انّ الايمان والولاية شرط لقبول الأعمال والدخول الى الجنّة؟ فإذا كان كذلك فإنّ أفضل اعمال الكفّار ليس مقبولا عند الله.
ويمكن ان نجيب على هذا السؤال بأنّ مسألة «قبول الأعمال» شيء ، و «الجزاء المناسب» شيء آخر ، فمثلا المشهور بين علماء المسلمين انّ الصلاة بدون حضور القلب او مع ارتكاب بعض الذنوب كالغيبة غير مقبولة عند الله ، ونحن نعلم انّ مثل هذه الصلوات صحيحة شرعا ، وتحتسب طاعة لاوامر الله وتفرغ بها ذمّة المصلّي والطاعة لا تكون بدون اجر. ولذلك فقبول العمل هو الدرجة العالية للعمل ، ونحن نقول هذا ايضا : إذا كانت الخدمات الانسانية مصاحبة للايمان فلها أعلى المضامين ، ولكن في غير هذه الصورة لا تكون بدون مضمون وجزاء ، وجزاء العمل لا ينحصر بدخول الجنّة. (هذه عصارة الفكرة بما يتناسب وهذا التّفسير ، وتفصيل ذلك في الأبحاث الفقهيّة).
* * *
__________________
(١) البحار ، ج ٢.