إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى).
وهؤلاء الرسل ـ كما سيتبيّن من خلال الآيات التالية ـ هم الملائكة الذين أمروا بتدمير مدن قوم لوط ، ولكنّهم قبل ذلك جاؤوا الى ابراهيم ليسلموه بلاغا يتضمّن بشرى سارة.
امّا عن ماهية هذه البشرى فهناك احتمالان ، ولا مانع من الجمع بينهما.
الاحتمال الاوّل : البشرى بتولّد إسماعيل وإسحاق ، لانّ ابراهيم عليهالسلام لم يرزق ولدا بعد عمر طويل ، في حين كان يتمنى ان يرزق ولدا او أولادا يحملون لواء النبوّة ، فإبلاغهم له بتولد إسماعيل وإسحاق بعد بشارة عظمى.
والاحتمال الثّاني : انّ ابراهيم كان مستاء ممّا وجده في قوم لوط من الفساد والعصيان ، فحين اخبروه بأنّهم أمروا بهلاكهم سرّ ، وكان هذا الخبر بشرى له.
فحين جاءوا ابراهيم (قالُوا سَلاماً) فأجابهم ايضا و (قالَ سَلامٌ) ورحّب بهم (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ).
«العجل» في اللغة ولد البقر و «الحنيذ» معناه المشوي ، واحتمل بعضهم انّ ليس كل لحم مشوي يطلق عليه انّه حنيذ ، بل هو اللحم المشويّ على الصخور الى جنب النّار دون ان تصيبه النّار ، وهكذا ينضج شيئا فشيئا.
ويستفاد من هذه الجملة انّ من آداب الضيافة ان يعجل للضيف بالطعام ، خاصّة إذا كان الضيف مسافرا ، فإنّه غالبا ما يكون متعبا وجائعا وبحاجة الى طعام ، فينبغي ان يقدم له الطعام عاجلا ليخلد الى الراحة.
وربّما يقول بعض المنتقدين : أليس هذا العجل كثيرا على نفر معدود من الأضياف ، ولكن مع ملاحظة انّ القرآن لم يذكر عدد هؤلاء الأضياف اوّلا ، وهناك اقوال في عددهم ، فبعض يقول : كانوا ثلاثة ، وبعض يقول : اربعة ، وبعض يقول : كانوا تسعة ، وبعض قال : احد عشر ، ويحتمل ان يكونوا اكثر من ذلك.
وثانيا : فإنّ ابراهيم كان له اتباع وعمال وجيران ، وهذا الأمر متعارف ان