يصنع مثل هذا عند الضيافة ويكون فوق حاجة الأضياف ليأكل منه الجميع .. ولكن حدث لإبراهيم حادث عجيب مع أضيافه عند تقديم العجل الحنيذ لهم ، فقد رآهم لا يمدّون أيديهم الى الطعام ، وهذا العمل كان مريبا له وجديدا عليه ، فأحسّ بالاستيحاش واستغرب ذلك منهم (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً).
ومن السنن والعادات القديمة الّتي لا تزال قائمة بين كثير من الناس الذين لهم التزام بالتقاليد الطيبة للاسلاف. هي انّ الضيف إذا تناول من طعام صاحبه (وبما اصطلح عليه : تناول من ملحه وخبزه) فهو لا يكنّ له قصد سوء ، وعلى هذا فإنّ من له قصد سوء مع احد ـ واقعا ـ يحاول الّا يأكل من طعامه «وخبزه وملحه» ومن هذا المنطلق شك ابراهيم في نيّاتهم ، وأساء الظن بهم ، واحتمل انّهم يريدون به سوءا.
امّا الرسل فإنّهم لمّا اطلعوا على ما في نفس ابراهيم ، بادروا لرفع ما وقع في نفسه و (قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ).
وفي هذه الحال كانت امرأته «سارة» واقفة هناك فضحكت كما تقول الآية (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ).
هذا الضحك من سارة يحتمل ان يكون لانّها كانت مستاءة من قوم لوط وفجائعهم ، واطلاعها على قرب نزول العذاب عليهم كان سببا لسرورها وضحكها.
وهناك احتمال آخر وهو انّ الضحك كان نتيجة لتعجبها او حتى لاستيحاشها ايضا ، لانّ الضحك لا يختص بالحوادث السارّة بل يضحك الإنسان ـ أحيانا ـ من الاستياء وشدة الاستيحاش ، ومن أمثال العرب في هذا الصدد «شر الشدائد ما يضحك».
او انّ الضحك كان لانّ الأضياف لم يتناولوا الطعام ولم تصل أيديهم اليه