وبالطبع كما ذكرنا في شرح الآية (٤٨) من سورة النساء : انه ورد حديث آخر يشير الى ان أرجى آية في القرآن هي آية (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
ولكن مع ملاحظة انّ كل آية من هذه الآيات تنظر الى زاوية من هذا البحث وتبيّن بعدا من الابعاد ، فلا تضادّ بينها.
وفي الواقع انّ الآية محل البحث تتحدّث عن أولئك الذين يؤدّون الصلاة بصورة صحيحة ، صلاة مع حضور القلب والروح ، بحيث تغسل آثار الذنوب عن قلوبهم وأرواحهم. امّا الآية الاخرى تتحدّث عن أولئك الذين حرموا من هذه الصلاة ، فبإمكانهم من باب التوبة ، فإذن هذه الآية لهؤلاء الجماعة أرجى آية ، وتلك الآية لأولئك الجماعة أرجى آية.
وايّ رجاء أعظم من ان يعلم الإنسان انّه متى زلت قدمه وغلب عليه هواه (دون ان يصرّ على الذنب) وحين يحل وقت الصلاة فيتوضأ ويقف امام معبوده للصلاة ، فيحسّ بالخجل عند التوجه الى الله لما قدمه من اعمال سيئة ويرفع يديه بالدعاء وطلب العفو فيغفر وتزول عن قلبه الظلمة وسوادها.
وتعقيبا على تأثير الصلاة في بناء شخصية الإنسان وبيان تأثير الحسنات على محو السيئات ، يأتي الأمر بالصبر في الآية الاخرى بعدها (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
وبالرغم من انّ بعض المفسّرين حاول تحديد معنى الصبر في هذه الآية في الصلاة ، او إيذاء الأعداء للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الّا انّ من الواضح ان لا دليل على ذلك ـ بل ان الآية تحمل مفهوما واسعا كليا وجامعا ويشمل كل انواع الصبر امام المشاكل والمخالفات والأذى والطغيان والمصائب المختلفة ، فالصمود امام جميع هذه الحوادث يندرج تحت مفهوم الصبر.
«الصبر» اصل كلّي وأساس اسلامي ، يأتي أحيانا في القرآن مقرونا