بالصلاة ، ولعل ذلك آت من انّ الصلاة تبعث في الإنسان الحركة ، والأمر بالصبر يوجب المقاومة ، وهذان الأمران ، اي «الحركة والمقاومة» حين يكونان جنبا الى جنب يثمران كل اشكال النجاح والموفقية.
وأساسا يتحقق عمل صالح دون صبر ومقاومة ... لانّه لا بدّ من إيصال الأعمال الصالحة الى النهاية ، ولذلك فإنّ الآية المتقدمة تعقب على الأمر بالصبر بثواب الله واجره إذ تقول : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ومعنى ذلك ان العمل الصالح لا يتيسر دون صبر ومقاومة ... لا بأس بذكر هذه المسألة الدقيقة ، وهي انّ الناس ينقسمون الى عدّة جماعات إزاء الحوادث العسيرة الصعبة :
١ ـ فجماعة تفقد شخصيّتها فورا ، وكما يعبر القرآن (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً).
٢ ـ وجماعة آخرون يصمدون امام الأزمات بكل تحمّل وتجلّد.
٣ ـ وجماعة آخرون بالاضافة الى صمودهم وتحملهم للأزمة ، فإنّهم يؤدّون الشكر لله.
٤ ـ وجماعة آخرون يتجهون الى الأزمات والمصاعب بشوق وعشق ، ويفكرون في كيفية التغلب عليها. ولا يعرفون التعب والنصب في متابعة الأمور ، ولا يهداون حتى تزول المشاكل.
وقد وعد الله مثل هؤلاء الصابرين بالنصر المؤزر (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (١).
وأنعم عليهم وأثابهم في الدار الاخرى بالجنّة (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (٢).
* * *
__________________
(١) الأنفال ، ٦٥.
(٢) سورة الإنسان ، ١٢.