المقدمة
فى فضل العلم الشريف وأهله وطالبيه
وما ورد فيه من الآيات العظيمة
والأخبار الكريمة والآثار الجسيمة
اعلم أن العلم شرف الإنسان. وفخر له فى جميع الأزمان. وهو العز الذى لا يبلى جديده. والكنز الذى لا يغنى مزيده. وقدره عظيم. وفضله جسيم. قال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (سورة فاطر : ٢٨) برفع العلماء على الفاعلية. أى إنما يخاف الله من عرفه حق معرفته وهم العلماء. وقرئ فى الشواذ برفع الاسم الشريف على الفاعلية ونصب العلماء على المفعولية. وهذا مروى عن جماعة من العلماء منهم إمامنا أبو حنيفة رضى الله عنه. كان الأستاذ الكمال ابن الهمام فى مجلس تدريسه فأورد عليه سائل قراءة أبى حنيفة المذكورة فأجاب بقول الشاعر :
أهابك إجلالا وما بك قدرة |
|
علىّ ولكن ملء عين حبيبها |
وحينئذ فالمراد بالخشية الإجلال. فيكون المعنى على هذا إنما يجل الله من عباده العلماء، وقال تعالى (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) (سورة آل عمران : ١٨) الآية. فقرنهم بالملائكة ثم عطف شهادتهم على شهادته وميزهم من بين سائر الخلق وفضلهم على جميع الناس لقوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (سورة العنكبوت : ٤٣) ومنّ على سيد البشر بقوله تعالى : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (سورة النساء : ١١٣) قال تعالى تنويها بشأن العلماء : (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) (سورة الأنعام : ٩١) وقال تعالى : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (سورة العلق : ٥) وقال تعالى فى جواب الكفار حين سألوا وما الرحمن : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (سورة الرحمن : ١ : ٤) وقال تعالى فى حق العلماء : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (سورة الزمر : ٩) وقال تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ