من العسكر ، فهرب عبد الواحد المذكور يوم النفر الأول من منى ، وقصد المدينة وجهز جيشا من المدينة إلى أبى حمزة فخرج أبو حمزة قاصدا المدينة ، فلقيه جيش عبد الواحد بقديد(١). فكان الظفر لأبى حمزة ثم قصد المدينة وقتل بها جماعة ، وبلغ خبره مروان فجهز إليه عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى فى أربعة آلاف فارس فالتقى هو وأبو حمزة بمكة بالأبطح ، فقتل أبو حمزة ، وكان عسكره خمسة عشر ألفا وظفر عبد الملك (٢).
وذكر ابن الأثير ما يقتضى أن عبد الملك سار إلى اليمن لقتال طالب الحق المتقدم ذكره ، وأنه ظفر بطالب الحق وقتله وأرسل برأسه إلى مروان.
وممن ولى مكة لمروان : الوليد بن عروة السعدى ابن أخى عبد الملك المذكور ، وأنه كان عليها فى سنة إحدى وثلاثين ومائة ، ويقال : إن محمد بن عبد الملك بن مروان كان على مكة والمدينة فى سنة ثلاثين ومائة ، وأنه حج بالناس فيها ، والله أعلم (٣).
ذكر ولاة مكة فى أيام بنى العباس
أما ولاتها فى خلافة أبى العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، أول خلفاء بنى العباس وتلقب بالسفاح : فداود بن على بن عبد الله بن العباس عم السفاح وذلك فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وولاه مع مكة المدينة واليمن واليمامة (٤).
ثم بعده زياد بن عبيد (٥) الله الحارثى خال السفاح مع المدينة واليمامة أيضا ، ودامت ولايته إلى سنة ست وثلاثين ومائة على ما يقتضيه كلام ابن الأثير (٦).
__________________
(١) قديد بالتصغير : مكان معروف فى طريق مكة المدينة ، وهو إلى مكة أقرب ، وما زال معروفا بهذا الاسم إلى الآن.
(٢) شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٧٥.
(٣) شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٧٧.
(٤) اليمامة : منطقة فى نجد بينها وبين البحرين عشرة أيام ، وبها كانت منازل طسم وجديس ، وبها كانت دعوة مسيلمة الكذاب ، وفتحها خالد ين الوليد فى زمن أبى بكر الصديق ، وبها قتل مسيلمة الكذاب وعادت إلى الإسلام ، ويقال : إنها كانت من مخاليف مكة ، أى محلقاتها ، وكان يضمّ إلى حكام مكة حكم اليمامة أحيانا (شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٧٨ هامش ١).
(٥) تحرف فى المطبوع إلى : «عبد الله» وصوابه لدى الفاسى فى شفاء الغرام الذى ينقل عنه المصنف ، وابن فهد فى غاية المرام ج ١ ص ٣٠٩.
(٦) الكامل فى التاريخ ج ٥ ص ٤٤٩ و ٤٦٢.