فروع : الأول : يحوز بيع ثياب الكعبة عندنا إذا استغنت عنه وقال به جماعة من فقهاء الشافعية وغيرهم ، ويجوز الشراء من بنى شيبة لأن الأمر مفوض إليهم من قبل الإمام. نص عليه الطرسوسى من أصحابنا فى «شرح منظومته» ووافقه السبكى من الشافعية ، ثم قال : وعليه عمل الناس. والمنقول عن ابن الصلاح أن الأمر فيها إلى الإمام يصرفها فى بعض مصارف بيت المال بيعا وإعطاء ، واستدل بما تقدم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وفى «قواعد» صلاح الدين خليل بن كيكلدى (١) أنه لا يتردد فى جواز ذلك الآن لأجل وقف الإمام ضيعة معينة على أن يصرف ريعها فى كسوة الكعبة والوقف بعد استقرار هذه العادة والعلم بها فينزل لفظ الواقف عليها ، واستحسن النووى الجواز أيضا (٢).
قال الجد رحمهالله : هذا فى الستور الظاهرة ، وأما الستور الداخلة فلا تزال بل تبقى على ما هى عليه لأن الكلام إنما هو فى الستور التى جرت العادة أن تغير فى كل عام ، فلو قدر جريان العادة بمثل ذلك فى الستور الباطنة سلك بها مسلك الظاهرة. انتهى.
الثانى : لو نذر شخص أن يكسو البيت صح نذره وستره بالحرير أو بغيره لأن ذلك من القربات. ذكره النووى رحمهالله.
الثالث : لو سرق إنسان شيئا من ستر الكعبة أو من فضة بابها لا يقطع عندنا لعدم الجواز. والله أعلم.
ذكر تطييب الكعبة المشرفة
روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت : طيّبوا البيت فإنّ ذلك من تطهيره ، ولأن أطيب الكعبة أحب إلى من أن أهدى لها ذهبا وفضة أخرجه الأزرقى.
وقد تقدم أن ابن الزبير لما فرغ من بناء الكعبة خلق باطنها وظاهرها بالعنبر والمسك من أعلاها إلى أسفلها ثم كساها وكان يجمرها فى كل يوم برطل من الطيب ، وفى يوم الجمعة برطلين. وأجرى لها معاوية الطيب لكل صلاة فكان يبعث به فى الموسم وفى رجب. وأخدمها عبيدا بعث بهم إليها ، ثم تبعه الولاة بعد ذلك (٣). وهو أول من أجرى الزيت لقناديل المسجد من بيت المال (٤).
__________________
(١) تحرف فى المطبوع إلى : «كليكلندى» وصوابه من د ، وشفاء الغرام.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٠٤.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٥٣ ، ٢٥٤.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٥٤.