ذكر ذرع الحجر من داخله وصفته وخبر شىء من عمارته
أما ذرعه فمن جدر الكعبة الذى فيه الميزاب إلى جدر الحجر المقابل له خمسة عشر ذراعا. وسعة ما بين الفتحتين سبعة عشر ذراعا وقيراطان وعرض جداره ... (١).
وأما صفته فهو عرصة مرخمة عليها جدار مقوس صورته نصف دائرة وأول من رخمه المنصور العباسى فى سنة أربعين ومائة لما حج. وذلك أنه رأى حجارته بادية فدعا بعامله على مكة زياد بنت عبد الله وأمره بأنه لا يأتى الصباح إلا وقد ستر بالرخام ، فدعا زياد الصناع فعملوه على السّرج قبل أن يصبح (٢). ثم جدد بعد ذلك مرارا كثيرة. وآخر من عمره على ما هو عليه الآن فى زمن هذا التأليف من ملوك الشراكسة قانصوه الغورى على يد مباشر عمائره الأمير خاير بك العلائى المعروف عند أهل مكة بالمعمار ، وذلك فى سنة سبع عشرة وتسعمائة. وكانت عمارته فى هذه السنة مرتين ، الأولى : بحجارة منحوتة من جبل الشبيكة ، والثانية : بهذا الرخام الموجود كما ترى.
فرع : حكم الصلاة فى مقدار ما فى الحجر من البيت حكم الصلاة فى الكعبة يجرى فيه الخلاف المتقدم بين الأئمة الأربعة ، وقد علمته فلا نطول بإعادته لما فيه من تحصيل الحاصل ، والله أعلم.
(تتميم) أخرج الفاسى رحمهالله عن بعض مشايخ مكة المتقدمين أن للنبىصلىاللهعليهوسلم مصلى بين الحفرة المرخمة وبين الحجر ـ بسكون الجيم ـ عند الحجر المشوبر الذى يقال له المقام المحمدى ، وأن من دعا عنده بهذا الدعاء. يا واحد يا واحد ، يا ماجد يا ماجد ، يا برّ يا رحيم ، يا غنى يا كريم أتمم على نعمتك وألبسنى عافيتك استجيب له (٣).
ثم قال : والحجر المشوبر الذى هو علامة لهذا المصلى لا يعرف الآن (٤). والحفرة قد سبق ذكرها. وهذا المصلى هو الموضع الثالث الذى ذكره المحب ، لأنه ليس بين الحفرة المشار إليها والركن الشامى مصلى للنبى صلىاللهعليهوسلم غيره ، والله أعلم. انتهى بمعناه.
__________________
(١) بياض بالأصلين.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٤٥.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٥٨.
(٤) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٥٨.