الباب الأول
فى مبدأ أمر الكعبة الشريفة وبيان فضلها وشرفها
وما يدل على ذلك من الآيات والأحاديث والآثار والحكايات والعجائب
[وما سبب تسميتها كعبة وتسميتها بالبيت العتيق](١)
أما الآيات فمن ذلك قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) (سورة آل عمران : ٩٦ ، ٩٧) الآيتين. قال الكواشى : سبب نزول هاتين الآيتين أن اليهود لما قالوا للمسلمين : قبلتنا قبل قبلتكم أنزل الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ).
واختلف فى معنى كونه أول بيت وضع للناس ، فقيل : أول بيت وضعه الله للطاعات وجعله متعبدا وقبلة للصلوات وموضعا للطواف ، ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه، أنه سئل أهو أول بيت وضع؟ فقال : كان قبله بيوت ولكنه أول متعبد. وقيل : أول بيت بنته الملائكة فلما حجه آدم قالت له الملائكة : بر حجك فإنا قد حججنا قبلك بألفى عام. وقيل : أول بيت بناه آدم. وقيل : أول بيت بناه إبراهيم ، وقيل : أول بيت حج بعد الطوفان. وقيل : أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السموات والأرض. فهذه ستة أقوال.
وبيان القول الأخير أن الله تعالى كان ولم يكن شىء قبله ، وكان عرشه على الماء وليس هو ماء البحر بل هو ماء تحت العرش بكيفية شاءها الله تعالى. فقيل : إنه خلق السماء دخانا قبل الأرض وفتقها سبعا بعد الأرض. ورده بعضهم بأن خلق الأرض كان أولا مستدلا بقوله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) (سورة فصلت : ٩) إلى قوله : (طائِعِينَ.) قال النسفى فى تفسيره المسمى «بالمدارك» : يفهم منه أن خلق السماء كان بعد خلق الأرض ، وبه قال ابن عباس رضى الله عنه واختاره الشيخ جلال الديبن السيوطى من المتأخرين ، وأجاب بذلك عن سؤال رفع إليه صورته :
يا عالم العصر لا زالت أناملكم |
|
تهمى وجودكم نام مدى الزمن |
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.