قال الشافعى رحمهالله : ما تفوتنى فريضة فى جماعة فأصليها فى موضع أحب إلى من بطن البيت ، لأن البقاع إذا فضلت بقربها منه فبطنها أفضل منها. وأما صحة الصلاة على سطحها فيشترط أن يكون أمام المصلى شاخص قدر ثلثى ذراع تقريبا من جدار الكعبة وهو الصحيح من مذهبه ، ومذهب الإمام مالك رضى الله عنه عدم جواز الفريضة فى جوف البيت وكذلك السنن المؤكدة كالعيدين والوتر وركعتى الفجر وما أشبهها على مشهور مذهبه. وأما النفل فيجوز. وأما الصلاة على سطحها فالمشهور عنده المنع ومذهب الإمام أحمد رضى الله عنه أن صلاة الفريضة فى الكعبة لا تصح ، وفى النافلة خلاف بين أصحابه. والأصح الصحة ، وكذا الحكم فى السطح عندهم فى الفريضة والنافلة.
فصل فى الكلام على دخوله صلىاللهعليهوسلم
الكعبة الشريفة بعد الهجرة وصلاته فيها
وبيان مصلاه منها وعدد (١) دخوله
روى ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلىاللهعليهوسلم لما قدم مكة يوم الفتح نزل بفناء الكعبة وبعث إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتاح وفتح له الباب ودخل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقها عليهم ومكث فيها ما شاء ثم خرج. قال ابن عمر رضى الله عنهما : فسألت بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : جعل عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه. وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى ركعتين (٢).
وفى البخارى عن ابن عمر أيضا ، أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل ويجعل الباب قبل ظهره [فمشى] حتى يكون بينه وبين الجدار الذى قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع ، فيصلّى [وهو] يتوخّى المكان الذى أخبره بلال أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم صلى فيه (٣).
وقد أوضح ابن عمر رضى الله عنه موضع مصلاه صلىاللهعليهوسلم فى الحديث إيضاحا شافيا.
__________________
(١) تحرف فى المطبوع إلى : «عدم».
(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٦٦.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٦٨ ، وما بين حاصرتين منه.