الباب الثامن
فى فضل أهل مكة واحترامهم
ومزيد شرفهم وإكرامهم وذكر شىء من فضل قريش
ونسبة النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه العشرة
روى الأزرقى فى «تاريخه» عن وهب بن منبه ، أن آدم عليهالسلام لما أهبط إلى الأرض استوحش لما رأى من سعتها ولم ير فيها أحدا غيره ، فقال : يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيرى؟ فقال له : سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدى ويقدس لى ، وسأجعل فيها بيوتا لذكرى ويسبحنى فيها خلقى ، وسأبوئك فيها بيتا أختاره لنفسى وأختصه بكرامتى ، وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمى فأسميه بيتى وأنطقه بعظمتى وأجوزه بحرماتى ، وأجعله أحق بيوت الأرض كلها وأولاها بذكرى ، وأجعله فى البقعة التى اخترت لنفسى ، فإنى اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض ، وأجعل ذلك البيت لك ولمن بعدك حرما وأمنا ، أحرّم بحرماته ما فوقه وما تحته وما حوله ، فمن حرمه بحرمتى فقد عظم حرماتى ، ومن أحله فقد أباح حرماتى ، ومن آمن أهله فقد استوجب بذلك أمانى ، ومن أخافهم فقد أخفرنى فى ذمتى ، ومن عظم شأنه عظم فى عينى ، ومن تهاون به فقد صغر فى عينى ، ولكل ملك حيازة مما حواليه ، وبطن مكه خيرتى وحيازتى وجيران بيتى وعمارها وفدى وأضيافى فى كنفى ضامنون على فى ذمتى وجوارى ، فأجعله أول بيت وضع للناس وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتون أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، يعجون بالتكبير عجيجا ويرجون بالتلبية رجيجا ، وينتحبون بالبكاء نحيبا.
فمن اعتمره لا يريد غيره فقد زارنى ووفد إلى ونزل بى ، ومن نزل بى فحقيق على أن أتحفه بكرامتى وحق على الكريم أن يكوم وفده وأضيافه وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته.
تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم تعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء أمة بعد أمة وقرن