صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلت : إن صاحبيك لم يفعلا (ه ، رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر رضى الله عنه) قال : ـ يعنى عمر ـ هما المرآن أقتدى بهما (١).
أقول : جلوس شيبة على الكرسى فى الكعبة ، قال المحب الطبرى : لما أخبر شيبة أن النبى صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر لم يتعرضا للمال رأى عمر أن ذلك هو الصواب.
وكأنه رأى حينئذ أن ما جعل فى الكعبة يجرى مجرى الوقف عليها فلا يجوز تغييره ، أو رأى ترك ذلك تورعا حين أخبر أنه تركه صاحباه مع رؤيته جواز إنفاقه فى سبيل الله ، لأن صاحبيه إنما تركاه للعذر الذى تضمنه حديث عائشة رضى الله عنها (٢). انتهى.
وقال الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر رحمهالله : يحتمل أن يكون تركه صلىاللهعليهوسلم لذلك رعاية لقلوب قريش كما ترك بناء الكعبة على قواهد بناء إبراهيم ، ويؤيده ما وقع عند مسلم فى بعض طرق الحديث : ولأنفقت كنز الكعبة فى سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض وهذا التعليل هو المعتمد عليه ، فإنفاقه جائز كما جاز لابن الزبير بناؤها على قواعد إبراهيم لزوال سبب الامتناع. انتهى.
فائدة : أخرج الأزرقى فى «تاريخه» أن النبى صلىاللهعليهوسلم وجد فى الجب الذى فى الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب مما كان يهدى للبيت ، وأن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : يا رسول الله ، لو استعنت بهذا المال على حربك. فلم يحركه. ثم ذكر لأبى بكر فلم يحركه (٣).
وأخرج أيضا أن الحسين بن الحسين العلوى عمد إلى خزانة الكعبة فى سنة مائتين من الفتنة حين أخذ مكة فأخذ مما فيها مالا عظيما ، وقال : ما تصنع الكعبة بهذا المال؟ نحن أحق به نستعين به على حربنا (٤).
ويروى أن مال الكعبة كان يدعى الأبرق. ولم يخالط مالا قط إلا محق (٥). وأدنى ما يصيب آخذه أن يشدد عليه عند الموت.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٤٥ وما بين حاصرتين منه ، القرى ص ٥٢١ ، منائح الكرم ج ١ ص ٣٨٠.
(٢) القرى لقاصد أم القرى ص ٥٢١.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٤٦.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٤٧.
(٥) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٤٧.