الرابعة : نقل القاضى تقى الدين رحمهالله أن كسوة البيت فيما مضى كان يطلع بها أمير الحاج معه إلى الموقف بعرفة ، فإذا كان يوم النحر يأتى بها من منى إلى مكة لأجل اللبس ، ثم صار أمراء الحاج بعد ذلك يضعونها فى الكعبة قبل الصعود إلى الحج. وموجبه أن بعضها كان سرق فى بعض السنين من محلة أمير الحاج بمنى ثم عاد إليه بمال بذله (١). انتهى بمعناه.
الخامسة : أول من كسا الكعبة الديباج الأسود الناصر العباسى. فاستمر ذلك إلى يومنا هذا. ولم تزل الملوك يتداولون كسوتها إلى أن وقف عليها الصالح إسماعيل بن الناصر بن قلاوون قرية من قرى نواحى القاهرة يقال لها بيسوس (٢) ، وذلك فى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة ، وكان الناصر العباسى كسا البيت ديباجا أخضر قبل الأسود (٣).
السادسة : نقل الفاسى رحمهالله ، أن أمراء مكة كانوا يأخذون من السّدنة ستارة باب الكعبة فى كل سنة ، مع جانب كبير من كسوتها ، أو ستة آلاف درهم كاملية عوضا عن ذلك إلى أن رفع ذلك عنهم السيد عنان بن مغامس (٤) لما ولى أمر مكة فى آخر سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وتبعه أمراء مكة فى الغالب. ثم إن السيد حسن بن عجلان بعد سنين من ولايته صار يأخذ منهم الستارة وكسوة المقام ويهديهما لمن يريد من الملوك وغيرهم. انتهى(٥).
وقد استمر الأمر كذلك من أمراء مكة بعد السيد حسن مع الحجبة إلى يومنا هذا.
وأخرج الأزرقى رحمهالله عن شيبة بن عثمان أنه دخل على عائشة رضى الله عنها ، فقال: يا أم المؤمنين ، إن الكعبة تجتمع عليها الثياب فتكثر ، فنعمد إلى بئر فنحفرها وندفن فيها ثياب الكعبة لئلا يلبسها الجنب والحائض ، فقالت عائشة رضى الله عنها : ما أصبت ، وبئس ما صنعت ، إن ثياب الكعبة إذا نزعت عنها لا يضرها من لبسها من حائض أو جنب ، ولكن بعها وتصدق بثمنها (٦). ونقل جواز البيع عن ابن عباس أيضا.
__________________
(١) شفاء الغرام ج ـ ص ٢٠٤.
(٢) تحرف فى المطبوع إلى : «يبسوس» وصوابه من د ، وإخبار الكرام.
(٣) إخبار الكرام ص ١٦٣.
(٤) تحرف فى المطبوع إلى : «مغاس» وصوابه من د ، وشفاء الغرام.
(٥) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٠٥.
(٦) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٦١.