وطعن فى سند الحديث ومعناه ، فأصبح وقد طعن أنفه واعوجّ ، وقيل له : إى والله سفهاء مكة من أهل الجنة ، سفهاء مكة من أهل الجنة ، سفهاء مكة من أهل الجنة ثلاثا. فأدركه روع وخرج إلى الذى كان يكابره فى الحديث من علماء عصره ، وأقر على نفسه بالكلام فيما لا يعنيه وفيما لم يحط به خبرا (١).
قال القاضى تقى الدين الفاسى رحمهالله : بلغنى أن الرجل المنكر للحديث هو الإمام تقى الدين محمد بن اسماعيل بن أبى الصيف اليمنى الشافعى نزيل مكة ومفتيها ، وأنه كان يقول : إنما الحديث أسفاء مكة أى المحزونون فيها على تقصيرهم ، والله أعلم. انتهى (٢).
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه صلىاللهعليهوسلم قال لمقبرة مكة : نعم المقبرة هذه. وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : وقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المقبرة يعنى مقبرة مكة وليس فيها يومئذ مقبرة قال : يبعث الله عزوجل من هذه البقعة أو من هذا الحرم سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب يشفع كل واحد منهم فى سبعين ألفا وجوههم كالقمر ليلة البدر ، فقال أبو بكر رضى الله عنه ومن هم يا رسول الله؟ قال : هم الغرباء. قال الجد رحمهالله بعد أن ذكر هذا الحديث فى «منسكه» : وإنما ذكرت هذا الحديث فى فضل أهل الحرم ، لأن الغرباء المدفونين فى الحرم صاروا من أهل الحرم فى الجملة ، ويروى أن أهل مكة كانوا يلقبون فيما مضى بأهل الله ، وهذا من أهل الله ، ذكره الأزرقى وغيره.
أقول : المراد بأهل مكة قريش وبما مضى حال شركهم وكفرهم كما ذكره أهل السير ، فبالأولى أن يقال لهم بعد أن أكرمهم الله بدين الإسلام وأعزهم بنبيه صلىاللهعليهوسلم ، فطوبى لأهل مكة ثم طوبى. انتهى.
وعنه صلىاللهعليهوسلم ، أنه سأل الله عما لأهل بقيع الغرقد؟ فقال لهم الجنة ، فقال يا رب ما لأهل المعلاة؟ قال : يا محمد سألتنى عن جوارك فلا تسألنى عن جوارى ، والغرقد ـ بالغين المعجمة ـ.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتاب بن أسيد
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ١٣٩.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ١٣٩.